الجمعة، 30 ديسمبر 2011

الجيش والاقتصاد في بر مصر


هل الحديث في أمور مكرونة كوين ومياه صافي وأنابيب البوتاجاز وبنزينة وطنية أسراراً حربية يُعد هتكها من أمور الخيانة العظمى؟ هذا ما تعتقده قيادات القوات المسلحة المصرية
يُعد الحديث عن المؤسسة العسكرية والاقتصاد أحد تابوهات السياسة المصرية، حيث ظلت القوات المسلحة حريصة على الاحتفاظ به كشأن خفي عن العامة والخاصة على السواء في الثلاثين سنة الأخيرة. تمتلك القوات المسلحة المصرية ويدير لواءاتها وعقدائها بأنفسهم - برغم افتقادهم للخبرة اللازمة- جزءاً ضخماً من اقتصاد البلد يقدره الخبراء بما بين ٢٥ و ٤٠ بالمائة، وتمارس نشاطها الاقتصادي في مجالات كثيرة بدءاً من المقاولات كبيع وشراء الأراضي والشقق، والخدمات كتنظيف المنازل وإدارة الكافتريات، وإدارة محطات البنزين، إلى الزراعة وتربية الدواجن والمواشي، إلى صناعة المكرونات والمشمعات البلاستيك للموائد! وبالرغم أن تلك المعلومات متوفرة  على مواقع الانترنت الخاصة بالشركات والجهات التي تمارس تلك الأنشطة، والتي تذكر علانية وبفخر أنها تابعة للقوات المسلحة، ولكن لسبب ما تحظر المؤسسة العسكرية على الجميع الحديث عنها. 

هل موازنة القوات المسلحة المصرية كلها حربية وبالتالي يجب أن تكون سرية بدون رقيب أو حسيب عليها؟ الإجابة هي لا.

 جزء ما من موازنة الجيش المصري مرتبط بأنشطة عسكرية كشراء أسلحة أو إنتاجها، وفي حقيقة الأمر المعلومات عن هذا الجزء منكشفة ومنشورة للعالم بأجمعه من عدو وصديق لأن لدينا شريك رئيسي فيه ملتزم بالشفافية أمام مواطنيه ينشر كل شئ عن نفسه وعمن يتلقون معونة عسكرية منه في شكل أسلحة أو إنتاج حربي مشترك معهم، وهذا الشريك هو بالطبع الولايات المتحدة الأمريكية التي تمنح القوات المسلحة المصرية ١.٣ مليار دولار من دعماً سنوياً من خلال برنامجها  لـ“التمويل العسكري الخارجي”، ثم تنشر من خلال مواقعها الحكومية كـ “مكتب الحكومة الأمريكية للمحاسبية” أو وزارتي الدفاع والخارجية أو الكونجرس تفاصيل ما باعتنا أو ساعدتنا على إنتاجه في مصانعنا من دبابات وخلافه.

أما الجزء الذي تحتفظ القوات المسلحة سرياً فهو في الحقيقة ما يتعلق بمدخولها الهائل المجهول من أنشطة غير حربية، من مثل تم بيع كام كيس مكرونة كوين وزجاجة مياه صافي المعدنية الشهر دا، وبكام لتر البنزين وكم عربية دخلت مونت ولمعت القزاز وظبطت العجل في محطات وطنية انهاردة، وكوين سيرفس بتنضف كام شقة في الأسبوع وماسكة كام حضانة، وتم شحن كام عربية نقل بلحوم طازجة من المجازر الآلية الحديثة بمزرعة شرق العوينات السنة دي، وتم تأجير كم شاليه بقرية سيدي كرير بالساحل الشمالي الصيف دا، أو تم بيع كم شقة في عمارات كلية البنات وبكام الشقة! هذا هو الجزء السري الذي تسعى المؤسسة العسكرية لحجبه عن الظهور في الموازنة العامة للدولة أو الخضوع لرقابة نواب الشعب في البرلمان، ومناقشة المواطنين له علناً قد يعد جريمة خيانة عظمى -- اسرائيل مش لازم تعرف الحاجات دي!

سوف أتناول فيما يلي الدور المستتر للمؤسسة العسكرية في الاقتصاد المصري، وتحوله في بعض الأحيان لأنشطة لا يليق بجيش مصر أن ينخرط بها، وتشغله عن مهامه الرئيسية في الالتفات لأمور حماية الحدود، والأهم من ذلك سقوط بعض قيادات المؤسسة في جرائم فساد وتطوير علاقات غير مشروعة مع رأس المال الخاص. بداية أحب أقول أنه ليست لدي أية مصادر سرية أو خاصة لتلك المقالة، مصادري ببساطة هي قصاصات الصحف القومية، مع مواقع الانترنت الرسمية الخاصة بالمشروعات التابعة للجيش وإعلانات الوظائف والبيع والشراء التي تنشرها.

بدأت قصة تحكم المؤسسة العسكرية في الاقتصاد المصري من بعد ثورة يوليو ١٩٥٢-- أو انقلاب يوليو العسكري بحسب ما تراه-- مع تحويل عبد الناصر نظام الدولة من ليبرالي إلى اشتراكي يقوم على ملكية الحكومة لكل شئ، وكان من المفترض أن يتبع الجميع سبيل الزهد السوفيتي في الاستهلاك حتى نستطيع النهوض. نصب ضباط الجيش- أو النخبة الحاكمة الجديدة- أنفسهم مديرين لممتلكات الدولة من مصانع وشركات القطاع العام. نص دستور ١٩٦٤ الاشتراكي على أن "الشعب يسيطر على  كل أدوات الانتاج"، وعينت النخبة العسكرية نفسها نائباً عن الشعب في تلك السيطرة. انتشر الفساد وسوء الإدارة في القطاع العام، وفي النهاية فشل مشروع عبد الناصر نتيجة عدم خبرة رتب الجيش المدربة فقط على إدارة الحروب في أن تُسير مالية بلد.

تراجعت مكانة العسكر قليلاً كنخبة حاكمة وحيدة محتكرة للسلطة في عهد السادات، بعد أن تمرد السادات على التقشف السوفيتي وأراد أن ينفتح على العالم الغربي ينهل هو وشعبه من بضائعه الاستهلاكية البراقة. قام السادات بتحرير الاقتصاد نسبياً بخصخصة جزء من القطاع العام والانفتاح استهلاكياً على الولايات المتحدة، واضطر العسكر عندها للقبول بمشاركة السلطة مع طبقة صاعدة من رجال الأعمال الطفيليين المقربين من السادات وأسرته.

ولكن - لحسن الطالع- جاءت اتفاقية السلام مع إسرائيل لتنقذ النخبة العسكرية من هذا الوضع وتعيد لها الكثير مما فقدت. بعد أن وضعت الحرب أوزارها ووقع السادات اتفاقية كامب ديفيد، لم يكن من الممكن تسريح العدد الهائل من جنود وضباط الجيش المدربين تدريباً عالياً على القتال، فكان أن تم إنشاء "جهاز مشروعات الخدمة الوطنية" الذي أقام المشروعات المختلفة وقام بتعيين لواءات وعقداء الجيش مديرين لها. ومُنحت مشروعات القوات المسلحة امتيازات فوق سلطات الحكومة القانونية والمحاسبية، حيث أنها معفاة من الضرائب ولا تخضع للوائح والقوانين التي يخضع لها الجميع في القطاعين العام والخاص.

حينما طبق الرئيس المخلوع مبارك سياسة التحرر الاقتصادي الكامل مجدداً بعد عام ١٩٩٢، استجابة لضغوط الولايات المتحدة وتنفيذاً لخطة محددة البنود وضعها له البنك الدولي وصندوق النقد، لم تمس يد الخصخصة ممتلكات القوات المسلحة. وعندما تسارع برنامج الخصخصة على يد الوريث المفترض جمال مبارك منذ عام ٢٠٠٤ وصاعد، أيضاً لم تجرؤ حكومة رجال الأعمال على الاقتراب من ممتلكات القوات المسلحة، بل وتم استيعابهم في صفقات بيع القطاع العام التي وصمها الفساد من خلال تأمين مناصب عليا للقادة العسكريين في الشركات المباعة.

المؤسسة العسكرية لا تؤمن النيوليبرالية الأمريكية أو عقيدة السوق الحر، والتي أحد مكوناتها الخصخصة وإطلاق يد رجال الأعمال في إدارة الاقتصاد وانسحاب الدولة، لأن تلك العقيدة- اتفقنا معها أو كرهناها- تعني فقدانهم لممتلكات الدولة التي يديرونها. ألمحت إحدى برقيات ويكيليكس المرسلة من السفيرة الأمريكية إلى أن المشير طنطاوي لا يحب سياسات الإصلاح الاقتصادي لأنها تقلل من سيطرة الدولة المركزية.  ولعل تفسير ذلك صار واضحاً الآن. الأمر بالنسبة للمشير ليس بمسألة ولاء للنموذج الاشتراكي الذي ينحصر تعليمه السوفيتي وخبرته فيه، وإنما لأن يد الخصخصة كان من الممكن أن تطال المشروعات الشاسعة للمؤسسة العسكرية.

في حين تدير القيادات العسكرية مشروعاتها على النمط السوفيتي العتيق من مخلفات الحرب الباردة، تحب أن تستهلك على النمط الأمريكي المتعولم. وبالطبع تلعب العلاقة المباشرة ما بين الجيش المصري والبنتاجون الأمريكي والتي تتضمن سفر قيادات وضباط منتقين بشكل دوري للولايات المتحدة دوراً رئيسياً في شحذ هذا التوجه. بعد أن كانت قيادات الجيش في عهد عبد الناصر قد اعتادت على الاستهلاك الزاهد للملابس والسيارات، نشهد اليوم خلع المشير طنطاوي مثلاً لعباءة التقشف القديمة تلك إذا ما نظرنا للسيارة الجيب الأمريكية الفارهة التي دخل بها الميدان ذات مرة أثناء الثورة ليدرس بطرف عينه من فيه. تذكر إحدى مقالات جريدة النيويورك تايمز أن أحد أبرز أعضاء المجلس العسكري يحرص في زيارته السنوية لوزارة الدفاع الأمريكية كل الحرص لأن يتسوق هو وزوجته في مول تايسونز كورنر بفرجينا، وأن لديه ولعاً بالمنتجات الأمريكية.  وفي الواقع هناك حالة ولع عام بين ضباط الجيش الصغار بالاستهلاك على النمط الأمريكي، حتى أن من تسنح له الفرصة لأن يشتري زيه الرسمي وبيادته من الولايات المتحدة يفعل!

السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل النخبة العسكرية كفء وقادرة على إدارة تلك المشروعات؟ إذا ما كانوا بالفعل مدراء جيدين وقادرين على الإسهام في تنمية البلد اقتصادياً واجتماعياً فلنترك لهم في يدهم ما يملكون. الإجابة هي أيضاً لأ. لم يسمع الكثير منا عن مكرونة كوين وبالتأكيد لم يصفها مواطن يوماً ما بأنها أفضل ما في السوق، ولم نسمع أحداً يقول إن بنزينة وطنية تفوق في خدمتها جميع المحطات الأخرى، أو إن مياه صافي المعدنية يجب أن توضع على كل مائدة. في واقع الأمر تبيع القوات المسلحة منتجاتها ليس نتيجة لجودتها، بل في معظم الأحيان إما قمعاً وقهراً من خلال كانتين وحدات الجيش المعزولة عن العالم الخارجي، حيث ليس أمام المجندين أي خيار آخر سوى استهلاك ما يجدونه هناك وإنفاق رواتبهم الزهيده عليه، أو من خلال تكوين شبكة علاقات مع موزعين مدنيين يتبادلون معهم الأفضال والمصالح.

يضاف لكل ذلك نشاط المؤسسة العسكرية في الأراضي. للقوات المسلحة قانوناً الحق وضع اليد على أية أراضي مملوكة الدولة "تنفيذاً لخطة الدفاع عن الدولة"، لكن تستخدم قيادات الجيش هذا الحق لاستخدام  الأراضي العامة في أغراض تجارية بغرض التربح وليس في أغراض أمنية. هناك جهاز كاملة اسمه "جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة" مختص - كما يقترح مسماه - بانشاء مشروعات على الأراضي الخاصة بالقوات المسلحة، ومن ضمن ما يمتلكه هذا الجهاز أراضٍ بمدينة نصر يبني عليها وحدات سكنية، وفي الساحل الشمالي يبني عليها قرى سياحية وفنادق من مثل قرية سيدي كرير. والمتابع لإعلانات بيع أراضي الساحل الشمالي في الصحف يجد أن القوات المسلحة تقوم ببيع تجاري لمساحات شاسعة تابعة لها لأجل بناء منتجعات سياحية ومنازل..الخ.

فوق كل ذلك أدى انخراط القيادات العسكرية في أنشطة اقتصادية لانخراطهم الحتمي في منظومة الفساد وقمع العمالة، نظام الدولة كله قائم على الفساد وقمع الطبقات الدنيا العاملة، والعسكر بكونهم أطراف مديرة فيه فهم بالضرورة صانعين لمثالبه.

أن تكون لواءاً في الجيش وعضواً في الحزب الوطني ونائب في مجلس الشعب عنه طوال العشرة سنوات الماضية فأنت بالتأكيد عضواً في شبكة الفساد. كان اللواء سيد مشعل وزير الانتاج الحربي المخلوع بعد الثورة مديراً لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية قبل أن يصبح وزيراً، وأثناء ذلك كان أيضاً عضواً في الحزب الوطني ونائب الحزب عن دائرة حلوان لثلاثة دورات متتالية من عام ٢٠٠٠ وحتى ٢٠١١، ويفتخر بأنه أطلق اسم ابنته على المياه المعدنية التي ينتجها الجهاز- صافي. أُزيح مشعل من منصبه بعد الثورة بسبب بلاغات مقدمه ضده للنائب العام بإهدار أموال الوزارة. كان فوز مشعل في الانتخابات البرلمانية في حلوان سهلاً بتوظيف أصوات عشرات الآلاف من العمال بمصنع ٩٩ الحربي الكائن هناك، حيث كان يحرص على الذهاب للعمال للرقص معهم على مشارف الانتخابات، ثم الاختفاء من بينهم بعد الفوز.

وبذكر مصنع ٩٩ الحربي حلوان نذكر مسألة قمع المؤسسة العسكرية للعمال، حيث أنها لا تخضع لأية قيود نقابية أو حكومية في هذا الشأن. في شهر أغسطس للعام الماضي خرج عمال المصنع في موجة احتجاج عنيفة عندما توفي زميل لهم انفجرت في وجهة أنبوبة، كان اللواء مدير المصنع قد أتى بمجموعة من اسطوانات الغاز من غير اختصاص عمال هذا المصنع لتجريبها، وعندما انفجر العديد منها قال لهم لا يهم إن مات منكم واحد أو اثنين، وعندما مات بالفعل أحد منهم اقتحموا مكتب اللواء وأشبعوه ضرباً ثم اعتصموا. وتم تحويل قيادات العمال لمحاكمة عسكرية واتهامهم بإفشاء أسرار حربية لأنهم تحدثوا في شؤون أنابيب البوتاجاز!

يأخذنا هذا للمعاملة القمعية لمن يخدمون في مزارع الجيش، وهم في الحقيقة مجندين فقراء يشتغلون بالسخرة بدون أجر. يلتحق الجندي القادم من الأرياف أو المدن الفقيرة بالتجنيد الإجباري ليتم تلقينه شعارات وطنية وجعله يغني أغاني قومية حماسية في طوابير الصباح، ثم ينسى كل هذا ومعه كرامته عندما يجد نفسه عاملاً بالسخرة في أحد مزارع الجيش التي تمتد فوق مئات الآلاف من الأفدنة.  يتعلم هناك الذل والخنوع على يد الضباط أثناء خدمته للمواشي والدجاج وجمعه للبيض، ويفقد أي شعور بالكرامة الوطنية التي يزعم الجيش أنه يغرسها فيهم. ذلك فضلاً عن عدم تلقيه أي تدريب على المهارات القتالية فسيكون أداءه- بفضل قياداته التي جندته- مفاجأة سيئة للوطن إن نشبت أي حرب.

تلوك أبواق المؤسسة العسكرية في إعلام الدولة الموجه المسألة "الوطنية" - أو أن حماية سرية موازنة القوات المسلحة من قبيل الواجب الوطني الذي لابد وأن ندافع عنه جميعنا كمصريين. لا أعتقد أن المجندين العاملين بالسخرة في جهاز المشروعات الخدمة الوطنية يتفقون مع ذلك، بل أنهم لا يعرفون معنى كلمة "وطنية" تلك بالأساس!

لا يمكن أن نذكر العلاقة بين المؤسسة العسكرية والاقتصاد دون أن نشير لهيمنتها شبه المطلقة على الاقتصاد المحلي في المحافظات. كما نعرف جميعاً إن مصر خارج القاهرة تخضع لحكم عسكري شبه مكتمل الأركان، حيث أن ٢١ من ال ٢٩ محافظ المعينين في أقاليم قبلي وبحري هم لواءات جيش متقاعدين، بالإضافة لعشرات آخرين من رؤساء المدن والمراكز من عقداء وعمداء الجيش المتقاعدين أيضاً. ويتولى هؤلاء إدارة قطاعات اقتصادية واسعة في المحافظات كل محافظة تبعاً لمواردها، حيث يتحول لواءات الجيش الذين لا يتمتعون بأي خبرة تذكر دون قيادة الدبابات والطائرات الحربية فجأة إلى مديرين لقطاع السياحة الجوهري والحيوي في محافظات الأقصر وأسوان، أو قطاع صناعة السكر في قنا، أو صيد الأسماك والشحن والتفريغ بالسويس..الخ.

لا تخلو إدارة لواءات الجيش للاقتصاد المحلي من خلال عملهم كمحافظين من قصص فساد شهيرة كشفتها أو لم تكشفها بعد الصحف القومية. منها على سبيل المثال واقعة تورط محافظ الأقصر السابق اللواء سمير فرج- وكان قبل يشغل منصب رئيس إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة- في صفقة بيع أرض بثمن بخس لرجل أعمال من المدينة نفسها، كان من المفترض أن تُبنى على قطعة الأرض تلك صالة ألعاب أوليمبية وتم بالفعل إنفاق مئات الملايين على المشروع، وفجأة توقفت عملية البناء وبيعت الأرض لرجل أعمال يمتلك فندق سياحي مقابلها وأُهدرت أموال طائلة.  ومن ناحية أخرى يجأر أهالى أسوان بالشكوي من محافظهم اللواء مصطفى السيد بسبب تورطه في حوادث فساد في الأراضي وقطاع السياحة، وقد قام هذا المحافظ مؤخراً بتعيين عشر عمداء جيش متقاعدين على الأقل في مناصب مدراء لمحاجر وموانئ نيلية بالمحافظة برواتب هائلة بدون وجه خبرة أو حق.

ولأجل هذا تبدو عجلة التنمية المحلية في محافظات مصر متوقفة منذ عقود، في حين سبقتنا الأمم جميعها، لأن من يديرون اقتصادنا المحلي يحصلون على الحكم فينا كمكافأة نهاية خدمة.

 ولأجل كل ما هو بأعلى قتل قيادات العسكر ولازالوا يقتلون الثوار العزل في التحرير والعباسية وماسبيرو ومحمد محمود والقصر العيني.
إن انتصار معتصمي ومتظاهري مصرواكتمال الثورة يعني تحول ديمقراطي حقيقي في هذ الوطن، يعني شفافية مالية وخضوع جميع الموازنات لمبدأ المحاسبية، يعني أن تخسر القوات المسلحة امتيازاتها الاقتصادية المرتبطة بها كفئة صاحبة مهنة بعينها، وتضطر قيادتها صاغرةً للعودة مرة أخرى لمهامها الأصلية: إدارة الحروب وليس إدارة قاعات الأفراح.

الجمعة، 23 ديسمبر 2011

عن الششخنات و قاتل الشيخ عماد !

 بسم الله الرحمن الرحيم 

هذة محاولة متواضعة للوقف و التصدي لبعض الأخبار المغلوطة و المضللة التي تنتشر هذة الأيام 

مقدمة هامة 
 س : ما هي الششخنات ؟ 
ج : الششخنات هي خطوط حلزونية تكون موجودة بداخل ماسورة الاسلحة النارية كالمسدسات و البنادق .. إلخ 
فائدتها انها تجعل الرصاصة تدور حول نفسها اثناء خروجها من ماسورة السلاح مما يعيطها  سرعة و قوة و دقة 

الششخنات موجودة في كل المسدسات و البنادق المعروفة ما عدا ( البنادق الخرطوش - الفرد المصنع محليا حيث تصنع ماسورتة من مواسير عادية غير مششخنة من الداخل ) 

ملحوظة : الششخنات تترك اثرا على الرصاصة اثناء خروجها من الماسورة كالأثر الذي تتركه بصمة اصبع الانسان 
فعندما يستخرج الطبيب مقذوف الرصاصة من جسم مصاب او قتيل يمكنه مضاهاة الاثار على المقذوف بالسلاح الناري و يتأكد
ان كانت هذة الرصاصة خرجت من هذا السلاح تحديدأ ام من سلاح غيره . 

يمكننا على ضوء هذا التعريف فهم الطريقة التي صُممت بها بوسترات افلام جيمس بوند كالتالي 

 


 

حيث يظهر جيمس بوند كما لو اننا ننظر اليه من داخل فوهة مسدس و تظهر الخطوط الحلزونية ( الششخنات ) في الصورة 

س: ما علاقة هذا الموضوع بمقتل الشيخ عماد عفت و باقي شهداء معركة مجلس الوزراء ؟ 

العلاقة هو ان بعض وسائل الاعلام تستغل عدم دراية الناس بالامور الفنية المتعلقة بالاسلحة و الذخيرة لتضليلهم و اعطائهم معلومات خاطئة
كالتالي : 

 

هذا الخبر نُشر في موقع أخبار اليوم 
و ملخصه ان الطلقة ال 9 مللي التي تم استخراجها من احد الشهداء هي طلقة مششخنة و بالتالي لا يمكن ان تطلق الإ من طبنجة حلوان أو رشاش بورسعيدي او عوزي اسرائيلي 

الرد 

هذا الخبر مضلل تماما ، كما اتفقنا كل المسدسات الحية و البنادق مششخنة و تترك اثار على المقذوف ما عدا البنادق الخرطوش و الفرد محلي الصنع

و بالتالي حصر الششخنة في ثلاث انواع فقط هو نوع من التضليل 

هناك قائمة طويلة من لا تنتهي من المسدسات التي تستخدم العيار 9 مللي
مثل الطبنجة حلوان و البيريتا و الجلوك و السيج .. إلخ 
و كذلك بعض الرشيشات ( الرشاشات الصغيرة ) كالعوزي و ام بي 5 و ماك 10 و تيك 9 و غيرها 
بل حتى بعض الرشاشات الكبيرة كالرشاش بورسعيد و الستن 

و من هنا نرى ان هناك قائمة طويلة متنوعة ( مسدسات - رشاش قصير - رشاش ) تستخدم العيار 9 مللي ( و كلها مششخنة ) 

النقطة الأخيرة 

يجب ان نلاحظ ان القوات التي كانت عند مجلس الوزراء كانت تمتلك رشاشات قصيرة تستخدم العيار 9 مللي 
و هو الرشاش ام بي 5 و التالي صوره

نلاحظ هنا انه مزود بتليسكوب للقنص من بعد 


 

و هذا الرشاش ظهر في صورتين من الصور التي نشرت عن مذبحة مجلس الوزراء و هما 
الصورة الاولي :: تظهر اثنان من الافراد يقومان برش الماء على المتظاهرين و يظهر من اسف الجاكيت الخاص باحدهما 
السلاح الذي وضعنا صوره 

 

الصورة الثانية : التي نشرتها جريدة التحرير عن قناص في مبني مجلس الشعب و بالصورة يمسك بنفس السلاح 
و يصوبه من النافذة 

 

و يكفي ان نعرف ان هذا السلاح يستخدم العيار 9 مللي و هو سلاح قوي للاشتباك في المسافات القريبة
و تستخدمه الشرطة المصرية و بعض فرق الجيش

الأحد، 18 ديسمبر 2011

البيان رقم (90) من المجلس الأعلى للقوات المسلحة



اللواء عادل عمارة المتحدث الرسمي للمجلس العسكري.
هو من ألقي البيان الصحفي تعليقا علي أحداث وتجاوزات كتائب طنطاوي وهو من برر أفعالهم في الكثير من الأحداث منذ أحداث فبرايرمرورا بالعديد من حلقات العنف الإجرامية مثل فجر 9 إبريل مرورا بأحداث محمد محمود والبالون والعباسية فضلا عن أحداث رئاسة الوزراء .
يروي تاريخ عادل عمارة مسلسل تدرجة في عصابة الفاسدين العسكرية
كان عادل عمارة مسؤلا بهيئة العمليات بالقوات المسلحة عن ملف غاية في الخطورة هو إعداد الدولة للحرب ومن أهم أقسامة هو قسم الأراضي حيث تعتبر كل الأراضي الغير مملوكة لأفراد ولا الهيئات والوزارات الأخري هي ملك للقوات المسلحة ولا يتم التصرف فيها إلا بعد موافقة هيئة عمليات القوات المسلحة التي هي إختصاص لهيئة إعداد الدولة للحرب حيث أنها مخول لها أنها ليست بحاجة لتلك الأرض ولن تكون مسرح لعمليات عسكرية مستقبلا ومن ذلك تصبح حقيقة فساد بيع أراضي الدولة ينبع من القوات المسلحة .
و ظهرت مؤهلات عادل عمارة لضمة إلي مجلس الفساد الأعلي بعد أن فاحت روائح فسادة من عمولات ورشاوي في عمليات بيع أراضي الدولة
فإستدعاة المشير طنطاوي و واجهة بالمستندات ورد علية عمارة بأنة ليس توقيعة .
ليكون أهم إنجازاتة للمجتمع المدني أنة من أنجز صفقتي ( الرحاب - مدينتي )
ثم جائت مرحلة لاحقة وهي التنقلات والترقيات و فوجئ عمارة والجميع بتعينة قائد لأركان الجيش الثالث الميداني .
وكانت هذة هي المرحلة التالية لفساد عادل عمارة حيث أنة قائد أركان الجيش الثالث وهنا ظهر إبن عادل عمارة في زيارة لوالدة عام 2003
مع بعض أصدقائة لمكتب والدة بقيادة الجيش الثالث وللعلم إستراحة قائد الأركان فيلا بها كل وسائل الراحة والمتعة وخدم من عساكر(التجنيد الإجباري) لة ولقائد الجيش الثالث في ذاك الوقت اللواء سعد خليل
نظم عادل عمارة لولدة وأصدقائة رحلة لشرم الشيخ تم تحميل نفقاتها علي الجيش الثالث تحت بند إستطلاع المنطقة ج وأرفق معهم مقدم ليكون مسؤلا عنهم في مهمة الإستطلاع وقد حملوا بما لذ وطاب لزوم سفر وراحة الشباب
و لوازم معركة البارات وصلات الديسكو بشرم الشيخ .
تمت الرحلة وعادوا إلي مقر الجيش الثالث و معاقبة المقدم علي تقصيرة في توفير المتع اللازمة لأولاد .....ثم ألحق إبن عادل عمارة بالرقابة الإدارية
ثم يستمر مسلسل تصعيد الفاسد بعد نهاية قيادة اللواء سعد خليل للجيش الثالث ليتسلمها عادل عمارة .
ثم حدث ضياع مليون جنية من خزانة قائد الجيش في عام 2006 وتم إستدعاء التحريات والمخابرات للبحث عن المليون جنية الضائع وتبدأ عمليات التنكيل والتعذيب لضباط الصف والعساكر ومن يشتبة فية دون رحمة مما دفع ضابط شرف يدعي عزازي بقيادة الجيش الثالث ليحاول الإنتحار بإلقاء نفسة من الدور الثاني مما أدي لكسر ساقة .
وقال معللا (أموت منتحر أفضل من أن أولادي يقولون عني أنني حرامي )
و إتضح أنهم كانوا يريدون إجبارة علي الإعتراف بالسرقة .
بعد ذلك تم تعيين عادل عمارة أمينا لوزارة الدفاع .
أهم إنجازات عمارة في الجيش الثالث علي مدار ثلاث سنوات البيروقراطية
التي أدت لتعطيل الكثير من التدريبات و إهدار أموال الجيش علي الإحتفالات مثل يوم إحتفالات تفوق الجيش الثالث والأهرامات الذهبية للقيادات مما دعا طنطاوي لتعينة مستشار لة .
ليكون أحد أفراد عصابة الفاسدين التي تضم لوأت مبارك الفاسدين .
عمارة و من علي شاكلتة هم من كان يستبقيهم مبارك في كل مفاصل القيادة في الدولة ثم يطعم بهم مفاصل المجتمع المدني كمحافظين ورؤساء هيئات و وزراء ورؤساء أحياء ومدن ليضمن ولا ئهم .
أحد مسلسلات الفساد المتكررة التي يجب الخلاص منها .
                        يسقط يسقط حكم العسكر


الاثنين، 12 ديسمبر 2011

رسائل أسرى الحرية من خلف القضبان

 






رسالة من الأسيرات الثلاث رشا , ندى , أسماء

نعلن من داخل السجن استمرار تضامنا مع القضاة الشرفاء ورفضنا لكل الإجراءات التعسفية والاعتداءات المتكررة عليهم ومنع حضور المتضامنين معهم المحاكمة لمستشارين من اشرف من أنجبت مصرنا.. كما حدث مع المستشار إبراهيم درويش وغيرة من قضاة ومحامين ومتضامنين.
ونؤكد علي تضامنا الكامل مع كافة مطالب القضاة والحركة الوطنية في تحقيق الاستقلال الكامل للسلطة القضائية ونطالب بالتحقيق مع كل من شارك في تزوير إرادة الشعب, ويسر اغتصاب السلطة لتجار الأوطان والأعراض.. وكل من اعتدي علي المواطنين المصريين بمن فيهم رئيس المحكمة محمود عبد اللطيف حمزة وغيره من قضاة ومواطنين متضامنين مع القضاة سواء بالضرب أو الاعتقال.
ونؤكد علي أن مطلب القضاة باستقلال السلطة القضائية أنما هو حق الوطن والمواطنين الذي نناضل من أجلة حتى داخل أسوار السجن.
ونؤكد أن ازدياد شراسة النظام ضد المواطنين والقضاة الشرفاء أنما هي دلالة ضعف.. والصورة التي تعامل بها معنا منذ 24/3 إلي 11/5 وتصعيد قبضته الأمنية هي دلالة انهيار هذا النظام..
لذا نؤكد علي ضرورة استمرار الحركة الوطنية في فاعليتها الاحتجاجية ضد الاستبداد والتضامن مع مطالب القضاة.. فصمودنا أمام شراسة هذا النظام هي طريقنا الوحيد لتحقيق أملنا في إقامة دولة المؤسسات والعدل والحرية.. ولن تمنعنا أسوار السجون ولا ظلمة الزنازين من مواصلة كافة أشكال النضال ضد الاستبداد والظلم.. وندعو زملاءنا وأساتذتنا ورموزنا الوطنية إلي مواصلة نضالنا من اجل التحرر من الاستبداد. وفي الوقت ذاته نعلن أننا لم ولن نفوض احد في حوارات مخزية مع رموز النظام ولا أي من أعضاء الحزب مغتصب السلطة تجار الأوطان والمفرطون في حقوقنا والمواطنين مع أعدائنا من أمريكان وصهاينة ضد مصالحنا وامتنا وأمننا القومي وندين لكل من شارك باسم حركة كفاية في مثل هذه الحوارات مع المطبعين التابعين والمتواطئين ونعلن براءتنا من مثل هذه الحوارات سرية كانت او علنية.
ونحن لم ولن نفوض احد للتحدث باسمنا مع أي من أعضاء الحزب الوطني ولا أي جهة حكومية ولا مع أمريكان ولا مع صهاينة ونعلن أن مثل هذه الحوارات متاجرة بنا وتهدر نضالنا وأمالنا ونرفض كل ما يمكن أن ينجم عنها ولو كان الإفراج عنا فتحمل شرف السجن لمطالب وطنية اشرف لنا ألف مرة من عار الإفراج مع التفريط والمشاركة مع من أجرموا في حق هذا الوطن.
كما نعلن من داخل أسوار السجن رفضنا لكل الحلول الوسيطة هزلية الأطروحات حول تشكيل حكومة وطنية مع مجرمي التطبيع والتبعية وسياسات التجويع وإهدار حقوق المواطنة والاعتداءات الوحشية علي المواطنين تعذيبهم ولن نرضي بأقل من محاكمة هؤلاء المجرمين وكل من تواطؤ معهم . كذلك نعلن رفضنا لكافة إجراءات احتجازنا من بداية القبض علينا رغم ذهابنا إلي المحاكمة بصفتنا شهود نفي فتم منعنا من دخول المحكمة واثبات شهاداتنا أمام النيابة بل وطوقتنا قوات الأمن وتعرضنا للتهديدات والتنكيل بنا إذا لم ننصرف وعند إصرارنا علي الحضور أمام النيابة للإدلاء بشهادتنا تم اعتقالنا وتعرض بعضا لاعتداءات وحشية وتم توجيه اتهامات كاذبة إلينا وتحويلنا للتحقيق أمام جهة غير دستورية وهي نيابة امن الدولة طوارئ ولما طالبنا بانتداب قاض للتحقيق معنا لم يتم الاستجابة لطلبنا, وألان يتم احتجازنا داخل سجن القناطر للنساء بين الجنائيات ورغم إننا نشهد لهن بكل التعاون والتضامن معنا إلا أن إدارة السجن رفضت عزلنا كمسجونات سياسيات رغم مطالباتنا المتكررة وتلقينا عليها إجابات متعددة وفي النهاية ابلغونا بأنها تعليمات امن الدولة كما منعت عنا زيارات الأهل والمحامين لأكثر من أسبوع وتفرض علينا إدارة السجن حظرا للتجول والتريض داخل ساحة السجن إلا في فترات وأماكن محددة جدا وتحت حراسة مشددة فابلغنا الإدارة باحتجاجنا علي هذه المعاملة وتلقينا نفس الإجابات السابقة. ويعاني السجن من حالة ازدحام شديد لدرجة أن عدد كبير من السجينات ينام مفترش الأرض حتى داخل الحمام ولولا أن بعض السجينات تنازلن لنا عن أسراتهن في إصرار وكرم شديدين لاضطررنا لمشاركتهن نفس الحالة ولا يتوافر للسجينات ادني درجة من الحياة الآدمية أو الرعاية الصحية مع ارتفاع أسعار المواد المتوفرة في كنتين السجن وانخفاض أجور العاملات من السجينات واستغلالهن لدرجة أشبة بالسخرة وبالطبع هناك فرق شاسع في التعامل مع السجينات الثقيلات والغنيات ضمن هؤلاء ممن اثروا من دم وعرق هذا الشعب وسرقة قوته وسرطنه أهلة ممن تعاونوا مع يوسف والي ويوسف عبد الرحمن. ونعلن أننا سوف نواصل كافة أشكال النضال من داخل السجن ولن تمنعنا أسواره مهما علت فأصواتنا اعلي ومهما زاد القهر والاستبداد فإيماننا اقوي واصلب ونؤكد أن تلك التجربة وما شاهدناه هنا زادنا صلابة وتصميم.
عاش كفاح الشعب المصري وأنها لثورة حني النصر

من داخل سجن القناطر للنساء
رشا عزب، أسماء علي، ندي القصاص
12
مايو

الخميس، 1 ديسمبر 2011

انتبهوا أيها المواطنون إنها جرائم إبادة جماعية للمتظاهرين


           
             لقد قام المجلس العسكري بإطلاق القنابل المسيلة للدموع والغازات والرصاص الحي، هذه الغازات تم إطلاقها لمدة ستة أيام على المتظاهرين السلميين من19 إلى24نوفمبر2011، وهذاالإطلاق المستمر المكثف لهذه الغازات المحرمة دوليا وفقا لسجلات الإسعاف والمستشفيات الميدانية داخل ميدان التحرير فقط أسفرعن حوالي8000 جريح بعضهم فقد عينه بالرصاص المطاطي وأكثر من 90 شهيد ماتوا بالرصاص الحي وأثرالاختناق.

فقد قام المركزالمصرى للدواء والمركز القومى للبحوث ومركز فحص تاحرب الكيمائية فى ألمانيا ومصر بإجراء تحاليل لعينات الغازات والقنابل، وتم التوصل إلى وجود عبوات لغاز الأعصاب ونسبة تركيزه فى الغلاف الجوى 17.2% وهو من غازات الأعصاب التى تسبب السعال وصعوبة التنفس والشلل فى بعض الحالات. وهذه العبوات من نوع CR Gaz وتحتوى على مادة (البنزوكسازيين) وهى مادة شديدة السموية ومسيلة للدموع وتسبب شلل مؤقت وتتسرب ببطىء شديد، ثم تتحول إلى مادة صلبة كذلك تم إطلاق قذائف الCS  من مادة (الكلورينز) وكذلك مادة (المالونونيتريل) وهى مادة شديدة الخطورة تستخدم على الحيوانات "من انتاج حيفا باسرائيل" وكذلك غاز mvx وهو شديد الخطورة يمتصه الجلد ليستمر تأثيره لمدة 60 يوم، ويعد من أهم وأخطر الغازات فى العالم "من انتاج أمريكا" ويسبب الشلل المؤقت وسعال مصحوب بنزول دماء أحيانا ودموع وصعوبة فى التنفس ورعشة ومن الممكن ان يؤدى الى الوفاة. 

ونعد الآن للتقدم بشكوى دولية ضد حكومة الولايات لمتحدة الأمريكية والحكومة الأسرائيلية لقيامهما بتصدير هذه الأسلحة التى لاتصدر إلا بشروط من أهمها عدم استخدامها إلا فى الحروب بين الجيوش المسلحة. ونتهم القيادة المركزية للجيش الأمريكى بتزويد الجيش المصرى بالغازات السامة وغاز الأعصاب كما نطالب بإدانة الحكومة الأمريكية وتوجيه تهمة جرائم الحرب لها.
وكذلك توجيه تهمه الابادة الجماعية العمدية باستخدام أسلحة محرمة دوليا لقتل المتظاهرين السلميين للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرى الذى قام بإطلاق هذه الغازات متعمدا قتل وإصابة المتظاهرين فى كافة ميادين مصر.  ووفقا لرواية  الأستاذ الدكتور أحمد معتز أستاذ الجراحة فى القصر العينى فقد تمت عملية إخفاء لبعض الأدلة وتهديد لأطباء الطب الشرعى بمشرحة زينهم والقيام بأخذ بصمات أرجل وأيدى الشهداء وتسجيلهم كمجرمين لهم تاريخ إجرامى بتواريخ سابقة ترجع لسنوات التسعينيات على الرغم من أن بعضهم فى العشرين من عمره أى كان فى سن الطفولة فى التسعينيات. وكذلك تفريغ تقرير الصفة التشريحية لبعض الشهداء من مضمونه بواسطة محمد الشافعى رئيس نيابة قصر النيل وتم إعدام بعض الأدلة وهذا يدين النائب العام والمجلس العسكرى.  

وفى تصريح لمنصور العيسوى وزير الداخلية قال" إن قوات الأمن المركزى ليس لديها هذه الأسلحة فهى لدى السرية 36 من الشرطة العسكرية بقيادة اللواء حمدين بدين والصاعقة 29 بقيادة اللواء أحمد النجدي."                                                                                                             
ونطالب بتشكيل لجنة دولية للتحقيق فى جرائم الحرب والإبادة التى ارتكبت فى حق الشعب المصرى والمسئول عنها المجلس العسكرى وعلى رأسه المشير محمد حسين طنطاوى ورئيس الأركان الفريق سامى عنان على ان تضم اللجنة العلماء المصريين الشرفاء الذين قاموا بفحص العبوات التى أطلقت على المتظاهرين السلميين وهم:-  

 ا.د أحمد معتز – استاذ الجراحة لطب القصر العيني
ا.د خالد مأمون – استاذ تحاليل الأدوية والمواد الكيميائية والغازات الكيمائية
ا.د حسن توفيق – استاذ الحرب الكيمائية
ا.د خالد حسن ابراهيم السباعى – استاذ تحاليل الغازات السامة وغازات الأعصاب
ا.د طارق جلال سعود – استاذ تحاليل الغازات السامة وغازات الأعصاب

ا.د أميمة اسماعيل صبرى – استاذ الغازات السامة بجامعة كاليفورنيا

الاثنين، 28 نوفمبر 2011

تقارير سرية تكشف: الشركة الأمريكية الإسرائيلية المصنعة لقنابل الغاز توقعت سقوط 5 آلاف قتيل في التحري



قنابل الغاز الأمريكية – الإسرائيلية التي تصنعها شركة “كومبينيد تاكتيكال سيستيم” أو “سي تي إس” كما طبع علي تلك
احد المصابين من القنابل في شارع محمد محمود
احد المصابين من القنابل في شارع محمد محمود
العبوات التي تساقطت فوق رءوس الثوار منذ ثورة 25 يناير قتلت عددًا من الشهداء بشهادة تقارير الطب الشرعي باعتبارها “ذخائر كيماوية سامة”.
تلك القنابل التي اعترفت شركة “سي تي إس” بأنها معروفة عسكريا وعلميا ودوليا بـ”ذخائر الغاز الكيماوية”.الغريب أن الشركة من خلال وثيقة نشرتها علي موقعها الإليكتروني لم تعفي تحقيق عائد وتجاري كبير عقب أحداث الثورة المصرية ففي الفترة من 20 إلي 24 فبراير الماضي طلبت “سي تي إس” عمل معرض خاص في “أبوظبي” بالإمارات حيث طلبت عدة دول عربية قنابل الغاز التي استخدمت في مصر خلال الثورة، أما في 15 مايو الماضي فقد نالت الشركة جائزة أفضل شركة مصنعة لقنابل غازات فض المظاهرات بالعالم ومعها مجموعة عقود تجارية سارية حاليا لصفقات عربية بلغت قيمتها 13.8 مليون دولار وذلك في الفترة من يناير الماضي وحتي اليوم. وأكدت “سي تي إس” الأمريكية – الإسرائيلية أن شحنات قنابل الغاز التي وصلت وزارة الداخلية المصرية مؤخرا كلها من نوع غازات “سي إس” غير القاتلة عند الاستخدام السليم وليست من نوعية غازات “سي أر” العسكرية الحربية القاتلة التي قضت الأمم المتحدة بعدم السماح بصناعتها أو تداولها منذ عام 1956 حيث يتسبب هذا الغاز علميا في القئ المستمر حتي الوفاة.
القنابل يتم تجربة فاعليتها علي القرود المتطورة بشرط أن تكون قرنيات العيون والدورة التنفسية والرئة شبيهة بالرئة الإنسانية الهدف الرئيسي الذي تستهدفة قنابل الغاز المصنعة وكلما كانت الخسائر كبيرة في القرود تكون التجارب ناجحة.
الشركة الأمريكية لم تتضمن أيضاً أنهم يصنعون ويطورون القنابل مع هيئة تنمية الصناعات العسكرية الإسرائيلية، والجيش الأمريكي ضد البشر لهدف هجومي معلن عنه صناعيا وتجاريا في وثائق عقودهم مع الحكومات التي تستورد منتجاتهم مع أنهم نفوا أن تكون مجموعة تطوير قنابل الغاز التي تضم الخبراء الإسرائيليين بالشركة تقوم سرا بتجارب علي الثوار المصريين بشكل غير معلن.
وطبقا لكتيبات الإنتاج الرسمية تنتج قنابل غاز “سي تي إس” الأمريكية ضد الحشود البشرية من أجل التسبب في الأزمة التنفسية وربما إنهيار الرئة كليا بسبب أن الغازات تسبب حريقاً وكياً كيميائياً بالرئة البشرية مع إلتهاب خطير للأعين لحدوث جلوكوما سريعة تؤدي للعمي الوقتي أو الكلي طبقا لكثافة الغازات، كما تسبب القنابل جفاف الحلق وانكماش الرئة بالصدر والشعور بالحريق في التنفس والقئ والإسهال وسقوط الحوامل.
تهاجم التفاعلات الكيميائية المنبعثة عن قنابل الغاز المنتجة في “سي تي إس” الأمريكية – الإسرائيلية الأغشية المخاطية للأنف والحلق والفم والبلعوم بشراسة فورية مما يسبب البكاء والعطس والسعال المزمن ومشقة في التنفس لحد الاختناق والقئ والإسهال في الحالات العادية لفض الشغب.
أما إذا كانت كثافة الغاز كبيرة أو زادت العبوات عن الواحدة في محيط المتر المربع الواحد أو إن أطلقت القنابل داخل أماكن مغلقة علما بأن مدة تفريغ الغاز من العبوة الواحدة هي من 10 إلي 32 ثانية مع قدرة تحمل بشرية قصوي لـ2 مليجرام في المتر فنحن أمام عمليتين علي حد تعبير خبراء “سي تي إس” الأولي: “أننا نشهد غباء شرطياً في التدريب مع استخدام غير مسئول أو رصين للقنابل” ، أما الثانية فهي: “أننا نشهد حالة قتل متعمدة من قبل القوة التي تطلق القنابل وذلك طبقا لما توصلت إليه تجاربهم علي ما جري مؤخرا في مصر.
المثير أن خبراء “سي تي إس” كانوا يسجلون ويدرسون في الأيام القليلة الماضية بشكل عملي وعلمي علي مدار الـ24 ساعة ما يحدث من مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن بل طبقا لما كشفوا عنه كان لهم بين الحشود عنصر يحصل علي العينات من الهواء ويجري اختبارات ميدانية فورية وهي تلك التي وصلت إليهم حاليا وكشف أن ضحايا حشود التحرير الذين ماتوا بالغاز تعرضوا لدمار بنسبة أكبر من 50% في الرئة مما يعني علميا أنهم تعرضوا لما يعادل من 10 إلي 20 مليجرام من الغاز المنبعث من القنابل في محيط المتر المربع الواحد لمدة زادت عن الدقيقة الواحدة مما يسبب حروقاً كيميائية مدمرة لرئة الإنسان ومن ثم الوفاة الحتمية خلال دقائق. الخطير أن “سي تي إس” أكدت أنها خلال المواجهات ومع سقوط أول شهيد حاولت الاتصال بوزارة الداخلية المصرية عدة مرات وذلك علي مدي أيام المواجهات كلها غير أن مسئوليها لم يكشفوا شخص من تحدثوا معه لسرية العلاقة بين الطرفين، وطبقا لما أعلنوه فإنهم حذروا مما يحدث في التحرير وأنهم طبقا لشهادتهم أرسلوا فاكساً رسمياً للداخلية المصرية من أجل إخلاء مسئوليتهم الجنائية عن القتلي المصريين الذين سقطوا قتلا بالغازات.
الشركة أكدت أن عدد الوفيات بين حشود التحرير كان يمكن أن يصل إلي 5 آلاف قتيل في اليومين الأولين علي أساس أن كثافة الغازات المستخدمة كانت ستقضي علي من حضروا للتحرير غير أن اتساع المكان وهبوب رياح باردة خفيفة طيلة أيام المواجهات هي التي منعت سقوط آلاف الوفيات علي حد تعبير مسئولي الشركة علما بأن الشخص العادي الذي يتعرض لميليجرام واحد من الغازات المنبعثة من قنبلة واحدة يظل في حالة سيئة لمدة تتراوح بين 30 و90 دقيقة وتستمر أعراضها العامة لمدة تصل إلي ثلاثة أيام.
الجدير بالذكر أن قنابل الغاز طبقا لمعاهدات وقوانين هيئة الأمم المتحدة محرمة دوليا منذ عام 1969 علي أساس أنها “قنابل كيماوية” صريحة وأن المنطمة الدولية أدرجت في نفس العام قنابل الغاز المسيل للدموع علي قائمة بنود معاهدة جنيف.
المكتب الإعلامي للمعلومات التابع لهيئة الأمم المتحدة أكد أن شركة “بلاك ووتر” الأمريكية الشهيرة حررت الهيئات الحقوقية بالمنظمة ضدها خلال عام 2005 عددا من الدعاوي القضائية أمام المحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية استنادا علي نقض الشركة المعاهدات الدولية الخاصة بحظر استخدام قنابل الحرب الكيماوية.
وكانت بلاك ووتر قد ألقت من الطائرات العامودية التي تمتلكها قنابل الغاز المصنعة في “سي تي إس” علي تجمعات بشرية غفيرة في مدينة بغداد العراقية خلال حرب العراق الثانية وأكد المكتب الإعلامي لهيئة الأمم المتحدة أن الحالة الوحيد حاليا التي يمكن فيها استخدام قنابل الغاز في إطار القوانين هي حالة الحروب فقط.
وأشارت المنظمة الدولية إلي أن ما حدث في مصر مؤخرا يمكن معه تقديم وزارة الداخلية المصرية ومن ورائها الحكومة المصرية للقضاء الدولي بتهمة مخالفة بنود معاهدة جنيف الدولية الموقعة عليها مصر فيما يخص التعامل مع السكان العزل وخرق بنود معاهدة الحرب الكيماوية.
كما أن الغازات المنبعثة من قنابل شركة “سي تي إس” الأمريكية طبقا لتقارير وزارة الصحة الأمريكية تعد من قبل الغازات السامة وهي من النوع الضار للغاية بيئيا نظرا لتأثيرها علي الكائنات الحية والطبيعة مما تسبب في نفوق معظم حيوانات وطيور وأسماك المزرعة الشهيرة بشارع محمد محمود علما بأن أبواب محل المزرعة الواقع علي الشارع مباشرة كان مغلقا طيلة أيام المواجهات!
الغريب أن السبب الرئيسي الذي أدي لعدم فاعلية قنابل الغاز التي استخدمت في أيام ثورة يناير لم يكن لعدم صلاحية قنابل الغاز كما ذكرت بعض وسائل الإعلام بل إنه كما كشفته “سي تي إس” الأمريكية بسبب أن العبوات السابقة كانت من نوع قنابل غاز “سي إن” وهو غاز ذو تأثير وقتي يتلاشي سريعاً، وهو نفس السبب الذي جعل المتظاهرين مؤخرا في التحرير يشعرون أن هناك فارقاً في نوع الغاز المستخدم وربما كان نفس السبب الذي جعل وزارة الداخلية عقب ثورة يناير تدرس أسباب فشل قنابل الغاز خلال الثورة وتطلب شحنات حديثة من قنابل “سي إس” الأكثر سمية علي الحشود البشرية كما وصفوها.
قنبلة الغاز ينتج منها بالعالم حاليا ما يقرب من 15 نوعاً من أشهرها ما جرب علي الثوار المصريين منذ بداية الثورة وحتي الآن من نوعيات “سي إس” في محمد محمود و”سي إن” في ثورة يناير و”سي أر” المحرم دوليا، وجسم قنبلة الغاز مصنوع من مادة الألومونيوم أعلاها خمسة ثقوب وأسفلها ثقب واحد كلها قبل الاستخدام مغطاة بطبقة من الشمع اللاصق وعند إطلاقها تذوب طبقة الشمع وتفتح مسام ثقوب القنبلة.

الأحد، 13 نوفمبر 2011

شندلر مصر

   قبيل نهاية الحرب العالمية الثانية كان رجل أعمال من أصل ألمانى، اسمه «أوسكار شيندلر»، قد نجح فى إنقاذ أكثر من ألف يهودى بولندى مما نعرفه الآن باسم «المحرقة» من أصل نحو أربعة آلاف كدسهم الاحتلال النازى فى «كراكوف» تمهيداً لنقلهم إلى «آوشفتز» حيث عنابر الغاز. تحولت هذه القصة عام 93 إلى فيلم سينمائى رائع باسم «قائمة شيندلر»، أخرجه «ستيفن سبيلبيرج»، وكان من أبرز نجومه «ليام نيسون» و«بن كينجسلى».
بكل أسف، وبكل مرارة، وبكل عار، لا يستطيع الذهن مقاومة الربط بين بعض الجوانب من هذه القصة الإنسانية الحزينة المشينة وبعض الجوانب من قصة أخرى إنسانية حزينة مشينة وقعت على أرض مصر فى مثل هذا اليوم قبل خمسة أسابيع. بينما بلغت الفوضى مداها أثناء تظاهرة الأقباط أمام مبنى ماسبيرو وفى محيطه مساء 9 أكتوبر، يصل رجل أعمال مصرى مسلم بصعوبة بالغة إلى مبنى شركته المطل مباشرة على الأحداث. لم ير فى حياته - وهو الذى رأى الكثير فى مناطق الحروب - منظراً كهذا حين كافح كى يجد لقدميه موطئاً بين الجرحى والقتلى والأشلاء البشرية التى تملأ الآن مدخل المبنى وفى الممر الضيق المظلم المخيف المؤدى إلى درجات السلم.
لم يخطر بباله إن كانت الأشلاء لمسلم أو لمسيحى. لا يخطر هذا ببال إنسان فى قلبه ذرة من الإنسانية. لكنه حين صعد إلى شركته اصطدم بالرعب فى كل أرجائها، بين العاملين فيها وبين وجوه غريبة مذعورة تبحث يائسة عن ملجأ. نحو أربعين، من بينهم من يبدو من ملابسه بوضوح أنه رجل دين مسيحى.
كيف يتصرف؟.. يتصرف الرجل كأى رجل فى دمه ذرة من النبل والشهامة. يرسم له الآن موظفوه صورة مخيفة لاقتحام أفراد من الشرطة العسكرية مقر الشركة قبل قليل بالرشاشات فى هيئة مرعبة بحثاً عن شىء ما. «اسمك إيه ياض؟».. «محمد».. «عدّى إنت، فين الأقباط؟». وهؤلاء كانوا يتنقلون فى خفية من غرفة إلى أخرى ومن أى زاوية يمكن أن تكون مخبأ إلى أخرى.
دهاليز الشركة الكبيرة فى هذه البناية القديمة كانت من لطف الله. لكن رجل الأعمال يتخذ سريعاً قراراً بإخفاء المسيحيين جميعاً فى دورات المياه. وفى مشهد إنسانى يجلب الدموع يتقدم بعض العاملين المسلمين فى الشركة ببطاقاتهم الشخصية لإخوتهم المسيحيين: «لو اتمسكتوا قولوا إن إنتو إحنا».
قضى الرجل مع موظفيه ليلتهم الأولى تحت الحصار على ضوء الشموع يحرسون إخوتهم من المسيحيين المكدسين الآن فى دورات المياه. من وقت لآخر تفاجئهم الشرطة العسكرية للتفتيش، أحياناً بمفردها وأحياناً مصحوبة بمن يرتدون أزياء مدنية، وكأنه مشهد لفريق من «الجستابو» منتزع من أحد أفلام الحرب العالمية الثانية.
يمر الوقت بطيئاً ثقيلاً. يفتح رجل الأعمال الباب كى يطمئن عليهم أحياناً، ولإمدادهم بالطعام والشراب أحياناً أخرى. لا يمكن أن يستمر هذا الوضع طويلاً. بدأ الرجل يفكر معهم فى خطة لتسريبهم من الباب الخلفى، فرادى ومثنى وثلاث، ومع كل منهم قصة مبتكرة يجيب بها إذا استوقفه أحد. اترك لخيالك العنان فى سيناريو قبيح يجبر المصرى على اختلاق عذر للسير فى شوارعه، ويضطر المسيحى إلى التذرع بصلاة الفجر فى المسجد.
يستمر الحال على هذا المنوال لنحو ثمان وأربعين ساعة ينجح أثناءها الرجل فى تسريبهم جميعاً بأمان عدا واحداً: القس. أمام محاولات متكررة مستميتة من رجل الأعمال بقى القس متمسكاً بدينه وبكرامته: «مش هاغيّر هدومى ولو على جثتى».
لا يملك الإنسان، من أى دين ومن أى جنس ومن أى وطن، أن يحمل لقس كهذا إلا كل احترام وكل تقدير، ولا أن يحمل لرجل أعمال كهذا إلا كل امتنان وكل افتخار. لكن هذا المشهد فى ذلك الأحد الدامى يمثل طفرة نوعية مزعجة فى تحالف السلطة المغرض مع الجهل القاتل على ما لا يمكن لعاقل أن يقبله.
قولوا لنا إن أفراداً من الشرطة العسكرية فقدوا أعصابهم وسط الفوضى فأخطأوا. قولوا لنا إنهم حين دهسوا إخوة لهم لم يكونوا يعتقدون أن هذا حلال. قولوا لنا إن ورثة «أمن الدولة» حين نظروا إلى خانة الديانة كانوا ضالين مضللين، فاسدين مفسدين. قولوا لنا إنكم ببساطة أخطأتم، فهذا أكرم لكم ولنا وللبلد كله. قولوا لنا علّنا نسامح.
حتى الأنبياء أنفسهم يخطئون، بل إن أحدهم قتل نفساً بغير وجه حق. الفارق أنه ندم على ما فعل. حتى هذه اللحظة لم يعترف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأن من أداروا أزمة الأحد الدامى - أمنياً وإعلامياً - ارتكبوا أى خطأ يستحق الندم. هذا - فى حد ذاته - خطأ أفدح وأكثر خطورة.
استقيموا يرحمكم الله.

السبت، 12 نوفمبر 2011

ملف ديون مصر: كيف وصلنا للتريليون ؟

[254%255B5%255D.jpg]
                      تريليون و172 مليار جنيه، هكذا ترك «مبارك مصر مدينة (داخليا وخارجياً) بأكثر من مليار جنيه، منها أكثر من 960 مليار جنيه ديوناً داخلية، تساوى 91% من الناتج المحلى الإجمالى للدولة، والباقى ديون خارجية. تسلم مبارك الحكم فى 1981، بعد اغتيال السادات، ليضاعف ديون مصر عدة مرات خلال 30 عاماً حكم فيها البلاد.. تضاعفت الديون رغم إسقاط الولايات المتحدة جزءاً كبيراً من المديونية، بعد موافقة مصر على المشاركة فى حرب تحرير الكويت 1991، وإعادة هيكلة ديون مصر الخارجية على يد نادى باريس ورغم ذلك كله، كانت سياسة مبارك هى المزيد من الاقتراض داخليا وخارجيا، وحين رحل عن السلطة فى 11 فبراير 2011، ترك الرقم الصعب أمام ثورة بلا قائد، ترفع شعار «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية». فى هذا الملف ترصد «المصرى اليوم»، رحلة «مصر المدينة»، وكيف حققت القاهرة فائضا فى العملة الصعبة خلال أواخر العهد الملكى، إلى أن بدأت الاقتراض من الخارج والداخل مرة تلو أخرى، حتى جاءت ثورة 25 يناير، لتزيد الديون بنسبة لم تتجاوز 3.6٪ فقط، رغم كل الحديث عن «خسائر الثورة» و«الثمن الاقتصادى» للحرية. فى هذا الملف، نرصد هماً جديداً لـ«مصر الثورة»، حيث الدولة مضطرة لدفع فواتير الرئيس المخلوع، وتحمل تكاليف 30 عاماً، كانت فيها الدولة تقترض، والمواطن يدفع الفواتير
رحلة «الألف مليار»: من صفر أيام فاروق إلى تريليون و172 ملياراً فى عهد مبارك
حتى انتهاء الحرب العالمية الثانية (1939- 1945)، كانت مصر قد حققت قفزة اقتصادية ضخمة، على الأقل بالنسبة للديون التى كانت تثقل الخزانة خاصة بعد انتهاء عصر البذخ الذى قاده الخديو إسماعيل (1830 – 1895).
بعد أن نجحت مصر فى بدايات الأربعينيات فى تسديد كامل ديونها الخارجية، وفى الوقت نفسه بدأت سياسة الاقتراض المحلى بدلاً من اللجوء للخارج. كانت الإدارة الاقتصادية للدولة، وقتها، تحاول الاستفادة من أثر الرواج من المدخرات الخارجية التى استطاعت تحقيقها خلال الحرب العالمية الثانية مع وجود الجيش البريطانى على أراضيها، مما وفر لها أرصدة بلغت حوالى 450 مليون جنيه إسترلينى.
بعد قيام حركة الجيش فى 23 يوليو 1952 بسنوات قليلة، وتحديداً فى عام 1956، اتجهت مصر الطموحة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، وقتها، إلى الاقتراض من الخارج، فكانت دول الكتلة الشرقية (الاتحاد السوفيتى خصوصاً). وقتها كان الهدف هو بناء جيش مصرى قوى وحديث، بدلاً من الجيش الملكى الذى كان بعيداً بسنوات عن العصر.
يكشف تقرير التنمية فى العالم الصادر عن البنك الدولى فى 1990، أن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ترك لمصر بعد وفاته فى ديسمبر 1970 ديوناً خارجية لم تتعد 1.7 مليار دولار، وهى الديون التى قفزت إلى 2.5 مليار دولار مع حرب أكتوبر. من ناحية أخرى كانت الديون العسكرية أكبر، ولم تسدد مصر غالبيتها الساحقة، حتى أسقطها الاتحاد السوفيتى نفسه.
المفارقة أنه حين قرر السادات التوجه نحو واشنطن وأعلن صراحة أن «99% من أوراق اللعبة فى يد الولايات المتحدة»، ووسط مقاطعة عربية وبعد توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، تضاعفت ديون مصر الخارجية فى عهد «سلام كامب ديفيد» أكثر من 8 أضعاف، ليصل الرقم الإجمالى للدين الخارجى عام 1980 إلى 21 مليار دولار تقريبا.
أما مبارك، الذى وجد نفسه فجأة رئيساً لأكبر دولة فى الشرق الأوسط، فإن أرقام الدين الخارجى تضاعفت أكثر من مرة فى مدد رئاسته الخمس، وكأن الدين ينمو طردياً مع كل ساعة قضاها فى حكم «المحروسة».
يشير د. أحمد السيد النجار، الخبير الاقتصادى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاقتصادية، إلى أنه فى 1988 وبعد مرور حوالى 7 سنوات فقط على حكم مبارك «تضاعفت الديون الخارجية لمصر مرتين ونصف المرة لتصبح حوالى 49.9 مليار دولار، ولم يتم تخفيفها إلا بالخضوع لمشيئة وشروط صندوق النقد والبنك الدوليين والدول الدائنة، خاصة فيما يتعلق ببيع القطاع العام أو خصخصته واتباع سياسات اقتصادية ليبرالية وفتح الاقتصاد المصرى أمام الأجانب بلا ضوابط تقريبا، فضلا عما تم إسقاطه من ديون عندما انضمت الحكومة المصرية للتحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة ضد العراق عام 1990 فى أعقاب الاحتلال العراقى للكويت».
يضيف النجار: «الديون الداخلية الهائلة التى تحملتها والناتجة عن العجز الكبير فى الموازنة العامة للدولة وصلت فى عهد مبارك و(إصلاحه الاقتصادى) لمستويات بالغة الخطورة»، ويؤكد الخبير الاقتصادى أن تلك المديونية «تشكل سببا رئيسيا لتفجر التضخم فى مصر»، ويتابع: «يكفى أن نعلم أنها ارتفعت من 217 مليار جنيه فى نهاية عهد حكومة الدكتور كمال الجنزورى (حتى يونيو 1999)، إلى 434.9 مليار جنيه حتى نهاية عهد عاطف عبيد (يونيو 2004)، كما تضاعفت مرة أخرى لتصل إلى نحو 962.2 مليار جنيه فى نهاية عهد حكومة نظيف فى يناير 2011، قبل قيام الثورة مباشرة».
وحسب النجار، فإن هذه الأرقام جاءت حتى بعد جدولة الديون الخارجية لمصر فى يوليو 2009 بالتعاون بين كل من نادى باريس والبنك والصندوق الدوليين، وتمت الجدولة لفترات متباعدة تمتد حتى 2050 «لكن بفوائد عالية جدا، وبأقساط نصف سنوية وهو ما يعنى استنزاف ما يقرب من 25% من المصادر الاقتصادية للبلاد».
وفى يناير 2011 عند خلع الرئيس مبارك وصل الدين الخارجى إلى 34.9 مليار دولار والدين الداخلى 962.2 مليار جنيه، بما يعنى أن إجمالى «ديون مبارك» التى تدفع الثورة فواتيرها وصل إلى تريليون و172 مليار جنيه.
وطبقاً لإحصاءات البنك المركزى فى أحد تقاريره، الصادرة فى سبتمبر 2011 (أى بعد نحو 6 أشهر من خلع مبارك)، فإن الدين العام لمصر بلغ 1.254 تريليون جنيه، نسبة الديون المحلية منها أكثر من تريليون جنيه، والديون الخارجية 210 مليارات جنيه، وهو ما يعنى أن «مصر الثورة» زادت ديونها بنسبة 3.6% فقط، بسبب الثورة، وهى نسبة لا تذكر مقارنة بتريليونات ديون مبارك، التى يبلغ نصيب المواطن الواحد منها 15 ألفاً و500 جنيه تقريبا، حيث تبلغ قيمة الديون الإجمالية التى تركها مبارك لمصر تريليون و172 مليار جنيه بما يعادل أكثر من 91% من الناتج المحلى الإجمالى لمصر، الذى يبلغ 1.373 تريليون جنيه.
الثورة تدفع فواتير مبارك
طبقاً للتقرير الأخير للبنك المركزى فإن الفترة منذ يناير2011، قيام الثورة، حتى يونيو 2011 شهدت زيادة فى الدين العام بلغت 46.6 مليار جنيه تقريبا، منها 43 مليار جنيه ديوناً محلية، و3.6 مليار جنيه ديوناً خارجية، فيما بلغت أعباء خدمة الدين الخارجى فى نفس الفترة 8.35 مليار جنيه، منها 1.88 مليار جنيه فوائد، و6.47 مليار جنيه أقساط مسددة، وهو ما يعنى أن الاستمرار على هذا المنوال فى الاستدانة سيخلف ديونا تلتهم بأقساطها وفوائدها أكثر مصروفات الموازنة العامة للدولة.
منذ العقد الأخير فى عهد مبارك الذى امتد 30 عاما، كان التلاعب فى قيمة الجنيه المصرى والضغوط التى مارستها المؤسسات الاقتصادية الدولية لإجبار البنك المركزى على خفض سعر الصرف، إلى أن وصلت قيمته حاليا إلى 6 جنيهات، له تأثير كبير فى ارتفاع الأسعار وتزايد حجم الديون الخارجية، بسبب سوء الإدارة المالية العامة بما يزيد الإنفاق العام من سنة لأخرى بمعدل نمو أكبر من نمو الإيرادات العامة‏، وبالتالى يتزايد عجز الموازنة والدين العام‏.
ومع استمرار مشكلة الدين المحلى الضخم، وتزايد عجز الموازنة العامة، فإن الموازنة العامة للدولة تصبح شيئا فشيئا، أبعد عن حاجات المواطن فى التعليم والصحة والدعم وغيرها، حيث تلتهم «خدمة الديون» ما كان يفترض أن يذهب لخدمة المواطنين.
وحسب الموازنة العامة للدولة للعام 2011/2012، فإن مخصصات قطاع الصحة تبلغ 23.8 مليار جنيه، تنفق الدولة منها على خدمة الصحة نفسها 6.1 مليار جنيه، فيما يصل إجمالى مخصصات التعليم إلى 52 مليار جنيه ينفق منها على الخدمة 11.2 مليار جنيه فقط، أما الإنفاق المباشر على خدمات الشباب والثقافة فيصل إلى 5 مليارات جنيه، والإسكان والمرافق إلى 3.7 مليار جنيه.
هذه الأرقام تعنى أن خدمة الدين الخارجى فقط تعادل الإنفاق المباشر على الإسكان والمرافق والصحة مجتمعة، وتساوى أكثر من 170% مما يصرف مباشرة على الشباب والثقافة، و70% من الأموال المصروفة مباشرة على خدمة التعليم.
فضلا عن ذلك، فإن أعباء خدمة الديون، تُفشل أى محاولة للسيطرة على التضخم، وبالتالى استمرار ارتفاع الأسعار دون ضابط، كما أن تراكم قرابة تريليون جنيه كدين محلى، واستمرار عجز الموازنة، يؤديان لموجات من الاحتجاجات الاجتماعية، تؤثر أيضا على الإنتاج، فالمواطن حين يجد الدولة فاشلة فى تأمين احتياجاته، وميزانية بلاده تلتهمها خدمة الديون، وعجزها المتنامى يفشل فى ضبط الأسعار، والقدرة الشرائية للعملة تنهار، فمن الطبيعى أن يخرج للشوارع فى احتجاجات عاصفة، لأن الدولة لم تترك له شيئا يخسره، لأنه خسر كل شىء بالفعل.
وزارة المالية، وفى دراسة لها، أكدت أن مشكلة إدارة الدين العام تعتبر من أهم القضايا والمشكلات التى تواجه الاقتصاد المصرى، ‏واقترحت بعض التوصيات التى من شأنها تقليل حجم الدين العام والمحلى وتقليل أعباء خدمته، وعلى رأسها ترشيد الإنفاق الحكومى وخفض معدل زيادته على معدل زيادة الإيرادات‏، كما طالبت الدراسة بالتعامل مع الدين العام المحلى المتراكم من‏سنوات سابقة‏بخطة مستقبلية وسياسة مالية واضحة المعالم‏، وذلك بإيجاد مصادر تمويلية جديدة وبديلة لتمويل عجز الموازنة بدلاً من الاقتراض من السوق المحلية، بعدما أصبحت حدود الدين العام المحلى غير آمنة‏.
«مصر المدينة»: الدولة تقترض لتأكل.. والمواطن يسدد «الأقساط
أدت زيادة الدين العام وتطوره بهذا الشكل إلى تحميل موازنة الدولة أعباءً متزايدة، لكن الدولة بمعنى أوسع ليست فقط الخزانة العامة، لكنها أيضا المواطن، الذى يدفع نحو 15500 جنيه نصيباً من الدين الداخلى، وهو مبلغ يساوى 20 ضعف الحد الأدنى للأجور، الذى حددته الدولة بـ750 جنيهاً، كما يساوى 50 ضعف نصيب المواطن من الإنفاق السنوى على الصحة، حيث يستفيد كل مواطن بنحو 300 جنيه فقط من أموال القطاع.
تكلفة الدين للفرد تساوى 23 ضعف نصيبه من الإنفاق على التعليم، البالغ 650 جنيها، و300 ضعف نصيبه من الإنفاق السنوى على خدمات الإسكان، الذى لا يتجاوز 50 جنيها سنويا، كما أن هذه النسب الضئيلة من نصيب الفرد من الخدمات ما زالت مرشحة للنقصان مادام استمر تضخم الديون على هذا المنوال، لأنه فى الموازنات القادمة ستخصص مبالغ أكبر فى كل مرة لسداد أقساط وأصول الدين، وبالتالى تنتقص هذه الخدمة مما يتلقاه المواطن من خدمات أخرى، فى ظل محدودية موارد الموازنة وعدم دخول أى مصادر جديدة من شأنها تنمية هذه الموارد.
تكمن الخطورة الحقيقية فيما وصل إليه الدين العام المصرى، خاصة فى الفترة الحالية حيث إن الدولة «تستدين لتأكل»، وتطرح سندات وأذون الخزانة حاليا ليتم تمويل متطلبات الدعم وتوفير السلع الغذائية ودفع أجور الموظفين فى الدولة، أما طريقة تمويل الدين فتسير بين طريقين كلاهما خطر، الأول تسدد الدولة الدين من مصادر ومدخرات حقيقية، والثانى، أن تقرر الدولة أن تطبع المزيد من أوراق النقد، مما يعنى انفجاراً جديداً فى الأسعار، وزيادة مرعبة فى التضخم، الذى تعانى منه مصر أصلاً.
ليست مصر هى الدولة الوحيدة المدينة فى العالم، لكن الدول التى تنظر للمستقبل اقتصاديا، تجيب عن أسئلة الدين بطريقة مختلفة من حيث استخدام الديون كلها أو جزء منها على الأقل فى تمويل مشروعات إنتاجية، توجد وظائف جديدة، وتدر دخلا يسدد الدين، ويزيد من حجم النشاط الاقتصادى، وغالباً لا تقترض الدول كى تطعم مواطنيها فقط، مثلما تفعل مصر.
الخوف من تأثير الديون على الاقتصاد، ورفض طريقة إدارة الحكومة لهذا الملف الحساس، كانا هاجسا فى رأس مجموعة من النشطاء والخبراء المصريين، الذين قرروا أن يحاولوا «تخفيف الحمل»، عن الموازنة العامة، وبالتالى عن المواطن.
شكل النشطاء والخبراء حملة شعبية لدعوة الدول الدائمة إلى «مراجعة وإسقاط ديون مصر»، وحددت الحملة 31 أكتوبر من العام الحالى، لتنظيم اليوم العالمى للمطالبة بمراجعة وإسقاط ديون مصر الخارجية، ويشهد ذلك اليوم مسيرة إلى البرلمان البريطانى للتقدم بأوراق تطالب بجدولة وإسقاط ديون مصر لدى المملكة المتحدة، وفى التوقيت نفسه، ينظم النشطاء حملة مشابهة فى ألمانيا.
لم تقتصر محاولات إسقاط ديون مصر الخارجية عند هذه التجربة فقط، فمن ناحية أخرى أعلن مجلس الأعمال المصرى الأمريكى عن قرب تصويت الكونجرس على تنازل الإدارة الأمريكية عن ثلث ديونها المستحقة على مصر، والبالغة 3 مليارات دولار، وذلك حسبما أعلنه رئيس مجلس الأعمال المصرى السعودى محمد يونس، الذى أكد أن هناك خطوة واحدة فقط فى سلسلة من الإجراءات فى الكونجرس حتى تتنازل الولايات المتحدة عن ثلث ديونها المستحقة على مصر، فى إطار مبادرة الرئيس الأمريكى باراك أوباما لتخفيف الديون على البلاد، وأكد «يونس» أن هناك مباحثات شملت أيضا تفعيل سعى الولايات المتحدة مع مختلف الأطراف فى الاتحاد الأوروبى ونادى باريس لحثهم على أن يحذوا حذوها بإسقاط جزء كبير من الديون المستحقة على مصر.
مبادرات واقتراحات كثيرة، يقودها نشطاء حقوقيون واقتصاديون وخبراء، يرون بعيونهم الخطر القادم، ويحاولون إذابة جبل الجليد فى الخارج، أما فى الدين الداخلى، فلا تزال مصر تراكم ديونها، دون صياغة رؤية اقتصادية لـ«مصر الثورة»، التى تبدو من الناحية الاقتصادية، وكأنها بحاجة لثورة جديدة تنقذها من سياسة «ليس فى الإمكان أبدع مما كان».
الحدود الآمنة للدين: هل اقتربنا من «نقطة الخطر»؟
الحدود الآمنة للدين، تعنى فى أبسط تعريفاتها، النسبة التى تمثلها الديون نفسها، وتكاليف خدماتها (أقساط وفوائد) من إجمالى الموارد المالية المتاحة للدولة، وهو ما يعنى أن الدولة قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه الجهات أو الدول الدائنة.
تقول الدكتورة سلوى حزين، مدير مركز واشنطن للدراسات الاقتصادية، إن الحدود الآمنة للدين الخارجى كما يحددها البنك الدولى يجب ألا تتجاوز 60% من الناتج المحلى الإجمالى، موضحة أنه فى حالة وصول أى دولة إلى هذا الحد يكون غير مسموح لها بالاستدانة الخارجية إطلاقا، ما يشكل مشكلة حقيقية، لأنه يقلل من فرص الاستثمار الداخلى التى يأتى تمويلها فى الغالب من خلال الاقتراض من المؤسسات الدولية، كما أنه فى حالة عجز أى دولة عن سداد أقساط الديون فى مواعيدها المحددة فإنه يتم إشهار إفلاسها.
وطبقا لبيانات البنك المركزى المصرى فإن نسبة الدين الخارجى فى مصر تصل إلى حوالى 15.2% من الناتج المحلى الإجمالى، تمثل الديون قصيرة الأجل منها –الديون الواجب سدادها فى الوقت الحالى- ما نسبته 8.8% من الناتج المحلى الإجمالى.
وتضيف «حزين» أن الخطورة الحقيقية لهذه المديونيات تكمن فى حالة عدم القدرة على سداد أقساط الديون، وهو ما يعرض لعقوبات دولية تتمثل فى عدم القدرة على الاقتراض الخارجى إطلاقا، فضلاً عن منع الاستثمارات الأجنبية من التوجه للدولة المدينة، ومن هنا تكمن أهمية وجود استثمارات محلية ضخمة وعدم الاعتماد على الاستثمارات الأجنبية فقط «لأنه من غير المنطقى أن يقوم اقتصاد أى دولة على استثمارات خارجية فقط»، حسب «حزين»، التى تشدد على أهمية «زيادة الناتج المحلى من خلال زيادة إنتاجية العمال، وترشيد الإنفاق الحكومى والبحث عن موارد جديدة لتمويل الموازنة العامة للدولة وخفض العجز فيها حتى لا تضطر مصر للاستمرار فى الاستدانة من الخارج أو الداخل».
المصرى اليوم