السبت، 29 أكتوبر 2011

يسري فودة يكتب قبل أن يكون حقاً.. «آخر كلام


بادرنى اللواء إسماعيل عتمان باتصال هاتفى بعد ظهر الثلاثاء 11 أكتوبر الماضى، امتد أكثر من ساعة، حمل لى أثناءها تقريباً كل ما جاء، بعد ذلك بأربع وعشرين ساعة، فى المؤتمر الصحفى الذى شرح فيه المجلس العسكرى وجهة نظره فى أحداث الأحد الدامى.. أحداث ماسبيرو.
كان الرجل، كعادته، بسيطاً ودوداً، وبين يديه ما بدا عتاباً: «إحنا زعلناك فى حاجة يا راجل؟».. لم أفهم تماماً مقصده، وإن كان ذهنى أخذنى لأول وهلة إلى حلقة الليلة السابقة من «آخر كلام» التى، فى سياقها، فرضت الحقائق نفسها إدانة لموقف ماسبيرو من أحداث ماسبيرو.
ورغم أن حديث أى مصدر عن أى شىء مع أى صحفى قابل للنشر، إلا إذا طلب المصدر بصورة واضحة عدم النشر، فإننى - إمعاناً فى التيقن - أطبق القاعدة العكسية فى معظم الوقت: إن كل محادثة غير قابلة للنشر إلا بإذن. ومن ثم سأتعرض هنا فقط لما اختار اللواء عتمان، من حديثه معى أثناء ذلك الاتصال، أن يكرره بنفسه على الملأ فى مناسبات لاحقة.
كان من الواضح أن الحديث وصل بنا بعد جدال طويل إلى طريق مسدود، فهو يحيى تغطية تليفزيون الدولة بلا تحفظ، وأنا أنتقدها بلا تحفظ. هو يرى أن التليفزيون فعل شيئاً لم يفعله قبل ذلك عندما تقرر له أن يبث ما كان يحدث على الهواء مباشرة. وأنا أرى - رغم أن هذا صحيح، على الأقل فى جانب من جوانب الصورة - أن ما صاحب الصورة من تعليقات، شفوية ومكتوبة، كان العنصر الحاسم، وإلا لماذا اقتحمت الشرطة العسكرية برشاشاتها فى مشهد درامى استوديوهات قناتين أخريين لا تخضعان لسيطرة ماسبيرو لمنعهما من بث المشهد نفسه على الهواء؟
هناك مبدأ صغير فى صناعتنا يقول: «إن كنت تخشى من الكاميرا فلابد أن لديك ما تخشاه». وهناك مبدأ كبير فى الدنيا وفى الدين يقول: «كل ابن آدم خطّاء، وخير الخطّائين التوابون». وبين هذا وذاك مبدأ يساعدنا على الاستمرار فى العيش معاً: إن الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية. لكن الاختلاف فى هذه الحالة هو فقط أحد تجليات فجوة فى الرؤية كانت قد بدأت فى الاتساع على مدى الشهور القليلة الماضية.
فجوة فى الرؤية
اجتمع عدد من الأسباب على إفساح المجال أمام هذه الفجوة كى تتعمق، من أهمها: أولاً، أن الحياة المدنية تسير أفقياً فى إطار من الأخذ والرد، بينما تسير الحياة العسكرية رأسياً فى إطار من الأمر والطاعة. وثانياً، أن رسالة المجلس العسكرى لم تصل إلى الناس، ليس لنقص فى الخبرة بالشؤون المدنية وحسب، بل لأن الرسالة تفقد نصف مفعولها قبل أن تبدأ إذا لم يستطع مرسلها سلفاً تحديد الجمهور المستهدف بدقة. وأكاد أجزم أن كل مسؤول عسكرى تحدث إلينا حتى الآن كان موزعاً، فى ذهنه وفى لسانه، بين جمهور الشارع وجمهور الثكنات. ولا يمكن انتظار تأثير فاعل لرسالة واحدة تتوجه إلى جمهورين مختلفين إلى هذا الحد. ومن ثم أزعم أن هذه رسالة مفقودة حتماً فى ثنايا الجمع بين مستحيل النقيضين: لين الأخذ والرد مع المدنى الذى يتوقع أحياناً اعتذاراً عن خطأ، من ناحية، وحزم الأمر والطاعة مع العسكرى الذى يتوقع دائماً أن قائده منزه عن الخطأ، من ناحية أخرى.
و ثالثاً، أن تعاقب الأيام والأسابيع والشهور، بينما تمر الأطراف جميعها بعملية تعلم قاسية فى معظم الأحيان، ألقى بنا جميعاً - ومن بيننا المجلس العسكرى - إلى حالة من الإرهاق الجسدى والذهنى والعصبى كانت لها نتائج. من بين هذه النتائج، فى حالة المجلس العسكرى، جنوحه إلى تغيير مسار التعاطى مع الموقف، الذى كان قد سلكه فى البداية، إلى مسار يبدو له أقصر وأكثر سهولة، وربما أيضاً ساهمت طبيعته العسكرية البحتة فى هذا الجنوح.
تجليات مسار جديد
كان من تجليات هذا المسار، أولاً، نشوء جفوة بين المجلس العسكرى من ناحية والنخبة الأقرب إلى ضمير الوطن من الساسة والمثقفين والنشطاء والإعلاميين بعد مرحلة ثرية واعدة من الحوار، المعلن وغير المعلن. وكان لابد أن تنشأ عن هذه الجفوة فجوة، وهى فجوة لا يمكن أن تبقى فارغة، وهى فجوة لا يملؤها عادةً إلا المنافقون وأصحاب المصلحة الخاصة. وهو ما أضاع على المجلس «مستشاراً» صادقاً وإن كان متعباً، وأكسبه «مستشاراً» مريحاً وإن كان لا يمثل إلا نفسه.
وثانياً، ساهم هذا فى تشكيل طريقة جديدة قديمة تؤمن بأنه «إذا لم تكن الكاميرا هناك فإن شيئاً لم يحدث».. طريقة تبدو أقصر وأسهل تؤمن بمعالجة الأمور إعلامياً وحسب، لأن الإعلام فى نظرها يمكن أن ينفى واقعاً موجوداً على الأرض كما يمكن أن يخترع واقعاً لا وجود له، وهكذا تتبخر المشاكل. ومن نوافل القول أنها نظرية أكل عليها الدهر وشرب، والأهم من هذا أنها أثبتت ضررها بجميع أطراف المجتمع، حاكماً ومحكوماً.
الجديد هذه المرة، والمثير للمفارقة فى الوقت نفسه، أن «الكاميرا كانت هناك»، فى أحداث ماسبيرو وفى غيرها، وكان علينا رغم ذلك أن نقتنع بأن شيئاً لم يحدث، وبأنه إن كانت هناك مشكلة فهى فى الواقع ليست تلك التى تراها بأم عينيك الآن وتسمعها بأبى أذنيك.
عبرة «قناة الجزيرة»
هكذا يراد لنا أن نعود إلى الوراء خمسة عشر عاماً على الأقل عندما ظهرت قناة الجزيرة لأول مرة، وقتها اضطررنا إلى المرور بثلاث مراحل قبل أن تبدأ الفكرة فى الوصول إلى أذهان الأنظمة العربية. كانت المرحلة الأولى صدمة مباشرة أسفرت عن تحرك سياسى مكثف اتخذ أشكالاً مختلفة، من بينها إرسال الوزراء والمبعوثين إلى الدوحة «لتعقيل» أميرها الجديد، ثم سحب السفراء منها للضغط عليه، ولما لم تفلح هذه المحاولات انتقلنا إلى المرحلة الثانية، وهى مرحلة تكسير العظام، والضرب تحت الحزام أحياناً، ومن تجلياتها إغلاق مكاتب الجزيرة وتوقيف مراسليها وشن حملات مسمومة فى وسائل الإعلام المحلية والدولية، ولما لم تفلح هذه ولا تلك انتقلنا إلى المرحلة الثالثة، وهى مرحلة «إن لم تستطع أن تغلبهم انضم إليهم». وينبغى أن نضيف إلى هذا العنوان جملة أخرى: «ولكن لا تصدق نفسك كثيراً.»
ورغم ذلك، فقد كان وصول الأنظمة العربية، ولو مضطرة صاغرة غير صادقة، إلى هذه المرحلة الثالثة إيذاناً بانطلاقة أزعم أنها علامة فارقة ليس فى تاريخ الإعلام وحسب، بل فى الحياة اليومية للمواطن العربى من المحيط إلى الخليج. ذلك أن الناس عادةً لا تفتقد ما لا تعرف. الآن هم يعرفون، لخمس عشرة سنة يعرفون، والآن هم إذا فقدوا سيفتقدون، وحين يفتقدون سيفعلون كل ما فى وسعهم للحصول على ما فقدوه بأى وسيلة كانت. إن تجربة الحرية، بمعنى من المعانى، تشبه تجربة الموت. نعم، يمكنك أن تزور الموت، ولكن لا يمكنك الرجوع. وكذلك الحرية.
لا آل سعود بكل ما أوتوا من مال ومن نفوذ، ولا نظام مبارك بكل ما أوتى من حيل ومن بلطجية، ولا الأنظمة العربية كلها مجتمعة استطاعت أن تقف فى وجه هذا الطوفان الذى يمكن تلخيصه فى كلمتين: حتميات العصر. لكن فى مصر الآن من يبدو أنه لم يستوعب هذا الدرس الكبير. فى مصر الآن من يبدو أنه لا يعلم أن فى استطاعة أى هاوٍ إطلاق خمس قنوات فضائية من جهاز كمبيوتر متنقل من غرفة النوم، فى مصر الآن من يبدو أنه لا يفهم أن رسائل «بى بى إم» القصيرة أشعلت خمس مدن فى بريطانيا فى لحظة واحدة قبل أسابيع قليلة. فى مصر الآن من لا يدرك أن فى مصر الآن جيلاً جديداً ملماً بحتميات العصر متذوقاً حلاوة الإرادة والحرية. فى مصر الأن، ببساطة، من لم يدرك بعد أن فى مصر ثورة.
هذا هو المناخ العام الذى بدأ يفرض نفسه من جديد على مدى الشهور القليلة الماضية منذ إصبع اللواء محسن الفنجرى، وقد كان له ما كان من التقدير فى قلوب أسر الشهداء وفى قلوبنا جميعاً، مروراً بما نعرفه جميعاً من إيقاف واستدعاء وإنذار وتخويف وتشويه وتدجين وإغراء ومحاباة، وصولاً فى نهاية المطاف إلى اقتحام وغلق وإرهاب بالرشاشات على الهواء. ويكون الأمر سهلاً أمام حقيقة أن مصر موزعة إعلامياً بين ما يتبع الدولة، وهو فى قبضة الحاكم بصورة مباشرة، وما يتبع القطاع الخاص، وهو أيضاً فى قبضته وإن كان بصورة غير مباشرة مشوقة فى كثير من جوانبها.
هشاشة الإعلام الخاص
تسمح الأنظمة العربية، خاصة فى مصر، لنفسها بهذا الافتراض الذهنى: «أنك إذا استطعت أن تجمع مالاً ونحن فى الحكم فأنت مدين لنا»، شىء أشبه بإتاوة فتوة الحارة، وإن كانت إتاوة فى دفتر مفتوح إلى ما لا نهاية يدفعها فى الواقع غلابة الحارة، ولأن علاقة أصحاب السلطة بأصحاب المال أكثر تعقيداً من هذا بكثير، خاصة فى مصر، فإننى لا أرى أن من واجبى أن أدافع عن هذا ولا عن ذاك وأنا لا أدرى تماماً دهاليز العلاقة. وإنما - مثلى مثل كثير من زملائى - يعنينى فقط ما يمس قدرتى كمواطن وكإعلامى على استثمار فرصة أتيحت أمامنا عندما فرضت «حتميات العصر» على السلطة أن تسمح ببعض النوافذ الإعلامية من خلال مجموعة من رجال الأعمال. ومثلى مثل كثير من زملائى، لا يهمنى فى هذا «الفرح» كله إلا أن أكون قادراً على القيام بواجبى أمام الله وأمام الوطن.
يفرض هذا الواجب، أول ما يفرض، على النفس اعترافاً مبدئياً: أننا أمام نظام إعلامى هش، تبلغ هشاشته فى بعض الأحيان حداً مضحكاً مبكياً فى آنٍ معاً. وهو أيضاً نظام يجعل مما هو مفترض أن يكون الحد الأدنى من الأمانة المهنية - مثل تغطيتنا لأحداث جمعة الغضب يوم 28 يناير - عملاً أقرب إلى أعمال الانتحار الجماعى على قارعة الطريق. كما يفرض هذا الواجب على النفس اعترافاً آخر: أننا إذا كنا فى الإعلام الخاص متضررين من هشاشة الوضع، فإن زملاءنا فيما يعرف بإعلام الدولة ضحايا.
وبطبيعة الحال، فإن جزراً من ألوان مختلفة توجد فى داخل كل من هذين النمطين بما يصعب معه التعميم. لكننا نتحدث عن نمطين عريضين على أى حال، وما يهمنا هنا هو أن المجلس العسكرى بقى قريباً من الشارع ما بقى قريباً من جزر بعينها فى النمطين، خاصة فى نمط الإعلام الخاص. لكن هذا الإعلام الخاص تحول فى إطار المناخ المشار إليه سلفاً، من وجهة نظر المجلس العسكرى، إلى شىء أقرب إلى العبء منه إلى الذخر، أو حتى منه إلى مجرد المعبر. وترافق ذلك مع وتيرة متصاعدة من الضغوط التى اتخذت أشكالاً مختلفة وأساليب متنوعة، بعضها موروث وبعضها الآخر مبتكر، وإن كانت جميعاً تعمد إلى توفير ما يكفى من الدوافع لدى الإعلامى فى نهاية السلسلة كى يتطوع بممارسة المزيد من الرقابة الذاتية.
تفرق إيه يعنى؟
ماذا إذن حدث تحديداً فأدى إلى إلغاء حلقة «آخر كلام» مع الكاتبين الكبيرين، علاء الأسوانى وإبراهيم عيسى؟.. يسألنى الناس. بعد هذا كله يسألنى الناس؟ ورغم تقديرى الشديد لشغف الناس بالتفاصيل فإننى أشعر أحياناً برغبة كوميدية سوداء فى أن أخبط رأسى فى الحائط وأنا أصيح: «تفرق إيه يعنى؟.. تفرق إيه يعنى لو أن زيداً، مش عمرواً، هو الذى اقترح؟ تفرق إيه يعنى لو أن تليفوناً، مش اجتماعاً، كان السبب؟ تفرق إيه يعنى لو أن شبرا، مش مصر الجديدة، كانت مسرحاً للحديث؟»، الذى يفرق عندى، أولاً، أن يدرك الناس حقيقة أن وقف برنامج كهذا لم يكن قراراً سهلاً، وثانياً، أن المشكلة الرئيسية ليست بالضرورة فى أشخاص وإنما فى نظام كامل.
وكى تستريح القلوب، دعونى أبسط أمامكم هذه الحقائق: أولاً، أنا الذى اتخذ قراراً بوقف الحلقة وتعليق البرنامج إلى أجل غير مسمى. ثانياً، أننى اتخذت هذا القرار لأن ثمة ما دفعنى إليه، وما دفعنى إليه هو إدراكى حقيقة أن ثمة حداً أقصى لممارسة الرقابة الذاتية، وإلا فقد الرجل احترامه لذاته ولجمهوره ولمهنته ولوطنه. وثالثاً، أن الضغوط لم تأت من إدارة قناة «أون تى فى»، وإنما من المجلس العسكرى، بل إن إدارة القناة، ممثلة فى الزميلين ألبرت شفيق ويوسف شكرى، بقيت حتى آخر لحظة تحاول إقناعى بالاستمرار، أمام إصرار منى على تجنيب القناة حرج ضغوط إضافية. رابعاً، أن إصرارى على قرارى لم يكن الهدف منه أبداً إثبات بطولة فارغة أو إلقاء «كرسى فى الكلوب». خامساً، أننى كنت فى حاجة إلى عزل نفسى عن القناة، ولو مؤقتاً، كى لا تتحمل القناة عبء ما قررت أنه صار من واجبى أن أتعرض له كمواطن وكإعلامى.
وأخيراً، لم يكن لقرارى هذا أى علاقة من قريب أو من بعيد بظهور عضوى المجلس العسكرى، اللواء محمد العصار واللواء محمود حجازى، فى برنامج غير برنامجى أو على قناة غير قناتى كما أراد البعض أن يشوه الهدف، عن حسن نية أو عن غير ذلك. فعلى حد علمى أنا الصحفى الوحيد الذى استأذن فى إلغاء مشروع حلقة كان متفقاً عليها مع أعضاء فى المجلس العسكرى، قبل ذلك، عندما أدركت أنها لن تخضع للحد الأدنى مما أراه شروطاً مهنية، مع كامل احترامى لأعضاء المجلس واعتزازى بالزميلين إبراهيم عيسى ومنى الشاذلى. أنا أيضاً الذى التمس من «أون تى فى» أن تذيع حلقة معادة من برنامجى الذى كان سيذاع على الهواء فى نفس توقيت لقاء المجلس العسكرى مع «منى» و«إبراهيم»، بل إننى دعوت أصدقائى على «فيس بوك» و«تويتر» لمتابعة هذا اللقاء، لأنه ببساطة حدث يعلو فوق أى منافسة.
أما فيما يخص اتصال اللواء إسماعيل عتمان على الهواء، بعد ذلك بيومين، بزميلتى العزيزة ريم ماجد، فإن ما بينه وبيننا، نحن الإعلاميين، من علاقة مهنية تكسوها بساطة الريف المصرى بما فيه من أصالة وعشم، يسمح لى بأن أبعث إليه بهذه الابتسامة التى لم أستطع مقاومتها عندما شعرت كأننى «عيّل تايه» وهو ينادى عبر الأثير: «عُد يا يسرى.. نحن فى حاجة إليك». ولكن، من منطلق أكثر جدية، لم أكن أتمنى أن يلخص المسألة برمتها فى احتمال وجود خلاف بينى والقناة، بينما يستبعد تماماً، ولو من باب الاحتمال، اختلافاً فى وجهات النظر أو فى تقدير المواقف مع المجلس العسكرى. وهذا، فى حد ذاته، مؤشر آخر إلى طبيعة تلك الفجوة التى أشرنا إليها سلفاً فى هذا المقال.
خلاصة القصة
ببساطة، كنت أتمنى - ومازلت أتمنى - أن يفتح اضطرارى إلى خنق برنامجى بيدىّ باباً إلى غرفة هادئة مضيئة لها نافذتان. النافذة الأولى تطل على المجلس العسكرى بمجموعة من الرسائل من أهمها، أولاً، أنه لن يحمى الوطن، خاصة فى أوقات الأزمات، شىء قدر إعلام حر صادق قوى، ولنا فى الفارق بين إعلام 67 وإعلام 73 عظة كبرى، وأن لهذا الإعلام دوراً مهماً، إن لم يكن حاسماً، فى هذه اللحظات وفى مستقبل قريب واعد منذر فى آنٍ معاً. وثانياً، أن مصر الآن لا تتحمل غياب القدرة على استيعاب درس إعلامى ضخم لم يستطع الرئيس المخلوع استيعابه فى زمنه، وأنه سقط فى نهاية المطاف لأنه فضل الطريق الأسهل، ولأنه آمن باللافعل. وثالثاً، أن الوسائل المتاحة فى عالم اليوم، أمام جيل صنع ثورة، لا تعد ولا تحصى، وخير لنا جميعاً أن نحتضن «حتميات العصر» قبل أن تدوس هى علينا بامتهان.
أما النافذة الثانية فتطل علينا - نحن الإعلاميين - بفرصة للتأمل. نحن أصحاب الإعلام، ولا أحد غيرنا صاحبه. لا السلطة ولا حتى صاحب القناة أو الجريدة، نحن أصحابه، هذه حقيقة بسيطة بديهية لكنها تتوه منا كثيراً وسط الزحام. ومن واجبنا، تجاه أنفسنا وتجاه الوطن، وفوق هذا وذاك، تجاه الله، أن نقول الحق ولو كان الثمن أرزاقنا وأعناقنا. أقارن زماننا - وفيه ما فيه من بدائل لا حصر لها تجعلنا محظوظين مدللين - بأزمنة جاهد فيها أسلاف لنا ولم يكن أمامهم من بديل. أقارن ما نحن فيه بما أحاط محمود عوض، على سبيل المثال، من ظلام، فلا جوجل ولا إيميل ولا بلاك بيرى ولا آيباد ولا هاتف ولا فضائيات ولا غيره، وأرى نتاج يديه فى الستينيات والسبعينيات متفوقاً بصورة مدهشة على كثير من نتاج اليوم. أراه وقد أحاط به ما أحاطه من ظلم فى الثمانينيات والتسعينيات، من السلطة ومن منافقيها، فلم يكن ذلك إلا وقوداً إضافياً ملك به زمام أمره بيديه فاحتفظ باحترامه لذاته ولجمهوره ولوطنه فانتصر، وحين مات كان قد عاش.
هذا إعلامنا ونحن أصحابه، ومما يبعث فى النفس أملاً أن بعضاً منا بدأ يدرك ذلك عملياً فبدأ التفكير فى الأيام القليلة الماضية فى مجموعة من المبادرات، من بينها مبادرة لإطلاق قناة يملكها الشعب، عن طريق الاكتتاب المباشر، يشارك فى حمل لوائها الزميل العزيز بلال فضل مع مجموعة من الزملاء المحترفين الوطنيين. ومبادرة أخرى، أشارك مع الزملاء فى حمل لوائها مثلما أشارك فى مشروع القناة، تهدف إلى خلق جبهة وطنية دائمة لحماية الإعلام الحر، وتكون لها باتفاق أعضائها من الإعلاميين أسنان تضمن هذه الحماية. هذه المبادرات ليست موجهة ضد أحد، بل إن من شأنها شد أزر ما لدينا من إيجابيات ومن بدائل، ومساعدة الجميع على استيعاب حقيقة أن عصراً جديداً لا تصلح معه الأساليب القديمة.
هل أعود بعد هذا إلى «آخر كلام»... نعم أعود.
انته

مقارنة بين الثورة المصرية والثورة الرومانية.

عارفين ايه الصورة دي؟؟ .. قبل ما نبدأ قصة الصورة دي ..

احنا نازلين 18 نوفمبر للاعتصام عشان ميحصلش فينا زي اللي حنقوله عن قصة الصورة دي أبدا ... و مفيش طريقة لتفادي الاعتصام غير ان المجلس يعلن قبل يوم 18 نوفمبر عن معاد الانتخابات الرئاسية ...

و ده ايفينت يوم 18 نوفمبر .. بعد العيد ... و بعد الحشد بقوة كبيرة جدا ان شاء الله بمساعدة قوى ثورية عديدة من توجهات مختلفة


نرجع للصورة ... دي مش مصر دي رومانيا الثورة الرومانيه

الثورة التي أالأضحوكة ...عارفين ليه أضحوكة؟؟
عشان ثورة هبله و إتسرقت

أقولكم إتسرقت إزاي؟.

الشعب الروماني عمل ثورة ضد نيكولا شاوشيسكو وزوجته ايلينا عشان كان مبوظ إقتصاد رومانيا و سارقها و ماكنش في عدالة إجتماعيه وتم القبض عليه تمهيدا لمحاكمته ، حيث حكم عليه وعلى زوجته بالاعدام رميا بالرصاص في 24 ساعة فقط, وفي نفس اليوم تم تنفيذ الحكم بمساعده الجيش و الناس فرحت برده و قعدوا يقولوا الجيش و الشعب إيد واحده

يعني إتقتل كمان مش إتحاكم و هو لابس ترنج و بيلعب في مناخيره... طيب حلو أوي

ماشي ايه اللي حصل بعدين؟؟

الجيش سلم الحكم لجهه سياسيه اسمها جبهة الخلاص بتتكون من الصف التاني بالحزب الشيوعي الروماني ((فلول يعني)) .و كان رئيس الحزب ده واحد إسمه إيون إيليسكو و ده احد حلفاء الديكتاتور المعدوم ((صاحبه يعني ))..مش زي طنطاوي طبعا اللي كان فيه بينه و بين مبارك طار بايت

أخونا ايون ده عمل صفقات مع جنرالات الجيش الروماني صفقات خلته يسيطر على على التليفزيون والراديو وباقى وسائل الاعلام فى الدولة .
طبعا في شباب مثقف و واعي في رومانيا شاف إن ثورتهم بتتسرق و العياذ بالله

اخونا ايون معجبوش الكلام ده فبدأ يتهم الشباب الرومانيين اللي بيقولوا عليه مغتصب للسلطه و للثورة إنهم عملاء و جواسيس و بيخدوا تمويل من جهات خارجيه و إنهم أجندات أجنبيه و بدأ يحاكمهم واحد ورا التاني...
و بقى ينكل بأي حد يعارض سياسته و يقول إن دي مرحلة إنتقاليه و إن هو مصر يوصل برومانيا لبر الأمان و استخدم الاعلام اللي بقى تحت سيطرته في تشويه صورتهم ...

و فئه غير مثقفه من أبناء الشعب الروماني صدقته و بقت تهاجم الشباب اللي كان عارف إن الثورة بتتسرق لدرجة ان عمال المناجم بمساعدة رجال الشرطه قاموا بالهجوم على الطلبه والمثقفين اثناء تظاهرهم . و قتلوا منهم من قتلوا...

و نجحت جبهة الخلاص اللي بيرأسها ... ايون (( الفلول)) بالفعل فى اسكات المعارضه الديموقراطيه باستخدام الاعلام الموجه وتم انتخاب إيون إيليسكو رئيسا للبلاد بنسبة 85% من الاصوات، وهى الانتخابات التى وصمت بعدم النزاهه من قبل الاحزاب الديموقراطيه والاعلام الغربى و مع ذلك محدش وقتها فتح بقه لأن محدش كان بيصدق الثوار خلاص،و اعيد انتخاب نفس الرجل ثلاث مرات حتى العام 2000


الجدير بالذكر حينما نتحدث عن ثمن تلك الثورة المجهضه هو عدد الضحايا : العدد الكلى لمن ماتوا كان 1,104 رومانيا منهم 162 فقط قبل تنحية شاشيسكو والباقون فى فترة الانفلات الامنى المدبره على يد جبهة الخلاص الوطنى، اصيب 3,352 رومانيا منهم 1,107 قبل القبض على الديكتاتور،

طبعا الثورة الرومانيه مختلفه تماما عن الثورة المصريه لأن إحنا ماعدش عندنا فلول
و كمان الجيش بيحمي الثورة
و إحنا بناكل ارز بلبن

نقلا عن سنحطم أنف كل من يتطاول على مصر بتصرف ...

جمعة 18 نوفمبر ... قالولنا مصر ليست تونس ... و بنقولهم مصر ليست رومانيا ...

و رسالة للشباب ... اللي منكم بيقعد في بيته ... و بعدين ينتقد اننا معملناش و مسوناش ... لازم يفهم ان أحب ما على قلبنا رحيل المجلس حالا ... بس فين الأعداد اللي نقدر بيها ننفذ ده ... ما اعتصمناش عشان نفس السبب ... مش ممكن نعتمد على صفحة أو على حركة أو جماعة مهما كانت قوتها ... لأن الثوار محتاجين كل فرد فيهم دلوقتي لأن ده وقت محنة ...و إذا مكنش كل واحد فينا حيقوم بدوره من غير ما يبص على المتقاعس اللي جمبه زي ما كل اللي نزل 25 ما عمل و نزل و هو عارف انه بنسبة 99% مش حيعمل حاجة بس بيعمل اللي عليه ... و عشان كده نجحنا ... و للاسف كان نفسي اققولكم اننا نقدر نعمل ثورة لوحدنا و نعدل المايل و نمشي المجلس و نجيب سلطة مدنية فورا... بس الحقيقة ان من غيركم ما نقدرش ... و على قد لحافك ... مد رجليك

دكتور محمد عبد العليم يرد على ما يقوله صيام بخصوص الشهيد عصام عطا


 عندي بعض الملاحظات العلمية على وفاة الشهيد عصام عطا، أولا سبب الوفاة : قال الاستاذ مالك عدلي أن طبيبة في القصر العيني ذكرت له ان قلبه كان متوقفا عندما وصوله إلي الاستقبال
arrested
وسبب هذا التوقف المفاجئ لعضلة القلب هو احتمالان كما تريد الداخلية أن تسوق: أولهما: النزف من المعدة اذ اوردت الشهادات انه تقيأ دما ثم توفي في غضون ساعات أو يوم كامل على أقصي تقدير، وكشف الاطباء الشرعيين عن وجود تقرح بمعدته قطره عشرة سنتيمترات. هذه الفرضية كاذبة تماما لأن بفرض وجود هذا التقرح النازف بجدار معدة أي انسان حتي لو كان بسبب ابتلاع جرعة كبيرة من دواء مخدر كما يفترضون، فإن هذا التقرح، لكي ينزف ويصفي دم هذا الشخص ويقتله بإحداث هبوط في الدورة الدموية، يحتاج إلي عدة ايام سوف يشكو فيها المريض حتما من اعراض كثيرة خطيرة ويتقيأ كميات هائلة من الدماء وسوف يتسع الوقت لنقله للمستشفي في الوقت المناسب ، فما بالك بشاب في العشرينيات قوي النية. هذا الشاب ببنيته التي رأيناها في الصور قد يحتمل تقرحا نازفا لأيام عديدة وقد تفلج عناصر التجلط في وقف النزف تماما

والفرضية الثانية أنه بابتلاعه كمية كبيرة من الحشيش والاقراص المخدرة المغلقة بعناية في عدة طيات من مادة اللاتكس latex والتي تصنع منها القفازات الجراحية، قد تسمم و عاني من هبوط حاد بالدورة الدموية من جراء التسمم. وهذا افتراض خيالي كاذب تماما لأن التسمم يحدث على مراحل : فهو أولا يصيب المريض بإضطراب في الوعي وصولا إلي الغيبوبة الجزئية ثم الغيبوبة الكاملة التي تؤدي تدريجيا - وأقول تدريجيا إلي توقف التنفس. لكي نصدق هذه الفرضية فلابد ان المرحوم عصام قد ترك يوم أو يومين على الاقل ليصل إلي مرحلة الغيبوبة ثم عدة ساعات أضافية ليتوقف تنفسه تماما وهذا يلقي بالمسئولية على ادارة السجن لأنهم تركوا سجينا فاقد الوعي بين زملائه دون نقله حتي يلقى حتفه.

يبقى احتمالان وهما 1- أن يكون المغفور له قد دس له سم زعاف وليس قطع من الحشيش وعدد من الاقراص المخدرة المغلفة بعناية وهذا السم قد يقتله في ساعات وقد يتقيا دما ولكن لماذا تقوم الداخلية بقتل عصام يالسم؟ هل هذا الفقير المسكين هوه عميل مخابرات متخفي مثلا؟؟ وتعرض نفسها بان يفتضح امرها بسهولة!! هذا احتمال غير وارد

الارجح من وجهة نظري أن الشهيد عصام قد تم تعذيبة بإدخال الماء تحت ضغط في فتحات جهازه الهضمي. قد يؤدي ذلك إلي جروح وقطوع حول الفم والشرج وداخل الجهاز الهضمي وقد لا يؤدي ، ولكن هذا المسكين قد تسمم بالماء.... كيف؟ إدخال كميات كبيرة من الماء عبر الجهاز الهضمي يصل إلي الدم حتما ويؤدي إلي اضطراب شديد في السوائل والاملاح بالدم وهذا الاضطراب ما اسهل أن يؤدي إلي فشل قلبي حاد وارتشاح رئوي ومخي في غضون ساعات وتكون الوفاة عندئذ حتمية. ولا حول ولا قوة غلا بالله. اللهم انتقم واثأر لكل شهدائنا ولوطننا من هؤلاء السفاحين الفجرة

الجمعة، 28 أكتوبر 2011

شهادتي بشأن المرحوم عصام علي عطا علي، 23 سنة

عصام علي كان حيا منذ أيام قليلة.. لكنه فقد حياته ثمنا لشريحة هاتف محمول رأى سجانوه أنه لا يستحقها.. ادعى أحد السجناء الآخرين أنها لم تكن شريحة هاتف محمول وإنما مخدرات.. لكن مقابل هذا السجين الذي شهد بأنه يتناول المخدرات هناك آخرين، سجناء أيضا، اتصلوا بأهله، معرضين أنفسهم لنفس مصير عصام لو تك اكتشفاهم ليخبروهم بأن عصام يتعرض للتعذيب بخراطيم مياه تدخل من فمه ومن دبره.. عصام نفسه حاول الاستنجاد بأخيه قبل أن يموت بيوم.. في اليوم التالي نقل عصام بواسطة ضابط اسمه بيتر إبراهيم إلى قسم السموم بكلية طب القصر العيني.. لماذا السموم؟ وما هي طبيعة ذلك السائل الذي يقول زملاءه أنهم كانوا يملئون جسده به؟ لا نعلم بعد. لكن ما نعلمه أن عصام حرم حياته وأحلامه ومستقبله وهو بعد في عامه الثالث والعشرين.

ما أعلمه أيضا أن مصلحة الطب الشرعي لم تكن متعاونة، ولم تكن مجهزة، وأنها تعاملت مع أهل عصام بأسلوب أقرب إلى أمن الدولة منه إلى الأطباء.

ما اعلمه أيضا أن هذه اللفافة التي قيل لي أنها أخرجت من معدة عصام، اللفافة التي يريدون أن يقنعونا أنها تسببت في قتله، لم تخرج من معدة تفرز عصارات معدية حمضية، بل كانت لفافة اقرب ما يمكن أن نصفها به أنها لفافة نظيفة إلا من بضعة قطرات دم كتلك التي قد تنتج عن شكة دبوس.

ما أعلمه أيضا أنه لا عزاء في عصام علي إلى أن تأخذ العدالة مجراها.. وأكاد أوقن أنها لن تأخذ مجراها بدون تطهير كل ما قامت الثورة لتطهيره.. الشرطة، النيابة، الطب الشرعي والجيش الذي يحكم البلاد.

أخيرا أنا لم أحضر تشريح المرحوم عصام علي بل رأيته بعد انتهاء التشريح. أيضا بين كل وسائل الإعلام التي تحدثت معها أؤكد أنه لم يكن من بينها اليوم السابع وأنني لم أعط لهم أي تصريحات.

هذه شهادتي على ما حدث منذ الأمس إلى اليوم، بداية من اتصال شقيق الفقيد وانتهاء بالخروج من المشرحة بعد أن سمح لنا بالدخول مع والده ومحاميه، أتحمل مسئوليتها كاملة وعلى استعداد للمواجهة مع كل من ورد اسمه فيها.

27 أكتوبر 2011
اتصل بي شقيق المرحوم واسمه محمد علي ليخبرني ان شقيه كان في سجن طره شديد الحراسة تنفيذا لحكم محاكمة عسكرية بالسجن لمدة سنتين وقال لي أنه وصله من زملاء عصام في السجن أن عصام قد نقل إلى مستشفى القصر العيني بعد أن تعرض للتعذيب على مدى يومين. وقال آن والدة عصام زارته يوم الأربعاء في السجن وهربت له شريحة موبايل ليتمكن من الاتصال بها وطمأنتها على أحواله وأن سجينا آخر، كان المرحوم قد استلف منه خمسة جنيهات وعجز عن تسديدها، رآه يأخذ الشريحة فأخبر الضابط المسئول أن والدة عصام هربت له مخدرات. وأن زملاء عصام في السجن أخبروا أخيه أنه منذ ذلك الوقت يتعرض عصام للتعذيب والضرب وإدخال خرطوم مياه من فمه ومن "ورا" وأنه نقل إلى مستشفى القصر العيني وأن والدته سبقته إلى هناك وأنه في الطريق إليها. وأخبرته أنني سوف أتصل بالمحامين ليلتحقوا به هناك ويتابعوا معه الأمر.

وقد اتصلت فعلا بعدد من المحامين ونشرت على صفحتي على الفايس بوك وعلى صفحة النديم على التويتر طلب محامين أن يتوجهوا لدعم الأستاذ محمد علي وتركت رقم هاتفي للاتصال بي في حال استعداهم، وقد اتصل بي عدد من المحامين وابدوا استعدادهم للذهاب إلى مستشفى القصر العيني أتذكر منهم الأستاذ مالك عدلي من مركز هشام مبارك والأستاذ سيد فتحي من رابطة الهلالي ومحاميي مؤسسة حرية الفكر والتعبير ومحام آخر لا أتذكر اسمه عرف نفسه أنه من مجلس نقابة المحامين، كما اتصل بي الأستاذ خالد البلشي ووعد بإرسال صحفي إلى هناك.

في أثناء هذه المكالمات اتصل بي شقيق المرحوم عصام علي مرة أخرى وهو يصرخ على الهاتف بأن والدته اتصلت به وأنها وجدت ابنها في المشرحة .. وكان الأستاذ محمد علي يبكي ويلوم نفسه على وفاة شقيقه لأن شقيقه أخبره في اليوم السابق أنه يتعرض للتعذيب وطلب منه تقديم بلاغ للنائب العام لكن الأستاذ محمد قال له أن ذلك قد يتسبب له في متاعب..

بعدها بقليل علمت أن تقرير مستشفى القصر العيني المبدئي أفاد بأن عصام توفى نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية بسبب نزيف دموي حاد وأن النيابة تريد الاكتفاء بالكشف الظاهري وان المحامين تقدموا ببلاغ للنائب العام من أجل تحويله إلى الطب الشرعي

اليوم، 28 أكتوبر في زينهم
في الطريق إلى المشرحة اتصلت بأحد الأصدقاء فأكد لي المصدر أن التشريح توقف لأن هيئة من كبار الأطباء الشرعيين سوف يتوجهون إلى المشرحة للقيام بالتشريح، وبالتالي يجب أن نطمئن إلى أن التقرير سوف يتم كما يجب.

وصلت متأخرة إلى مشرحة زينهم. رأيت الأخ منهارا أمام باب المشرحة. الأب حاول الدخول بعد أن شعر الأخ أنه لا يتحمل الموقف. رفض طلب الأب. قيل لنا أن هناك طبيبين من أطباء التحرير بالداخل وبعد قليل خرج أحدهم د. محمد وقال أن الدكتور أحمد عصام باق بالداخل. الأب والابن وافقوا على تفويضي على الدخول نيابة عنهم. لكن الطلب قوبل بالرفض. كانت محاولات التواصل مع من هم داخل المشرحة تحدث من خال الطرق على الباب ومن خلال شباك وقف وراءه شابان وسيدة، رفضت دخول أي شخص. ثم اتضح بعد ذلك أن أحد الشابين كان هو الدكتور أحمد عصام، من أطباء التحرير المفترض أنه موجود بالمشرحة ليلاحظ عملية التشريح وقيل لي من الدكتور محمد أن لديه خبرة لأنه كان ضابطا في الجيش.

علمت أيضا من المتجمعين أمام المشرحة أن ضابطا برتبة عقيد دخل إلى المشرحة وأن مركز هشام مبارك للقانون أرسل برقية النائب العام بهذا الشأن حيث أنه لا يجوز تواجد الشرطة أثناء القيام بفحص الطب الشرعي.

في هذه الأثناء حاولت الاتصال بأصدقاء لي لتسهيل دخولنا إلى المشرحة للتأكد من سير الإجراءات خاصة وأن قرار النيابة كان ينص على أخذ عينة من الأحشاء لإثبات وجود مخدرات من عدمه على حين تتجه الشكوك إلى أن عصام مات نتيجة نزيف داخلي. وقيل لي أن هناك أوامر عليا بعدم دخول أي شخص. هذا المصدر لن يعلن عنه تحت أي ظرف من الظروف.

انتظرنا أمام المشرحة وجاء الدكتور محمد ليعطيني الهاتف لأتحدث مع الدكتور أحمد عصام من أطباء التحرير وكنت على وشك أن أطلب منه أن يتأكد من أن التشريح شامل وأنه يتناول أيضا الفحص بحثا عن إمكانية وجود نزيف داخلي. لكن في نصف المكالمة سمعت صوت امرأة تزعق فيه بأن يغلق التليفون، وانقطع الخط فعلا.

بعد حوالي ساعة من الوقوف علمنا أن التشريح قد انتهى وأنه بإمكان الوالد والمحامي وأنا أن ندخل إلى المشرحة. حاول الخال أن يدخل أيضا وقد سمح له بذلك بعد بعض الشد والجذب على أساس أنه في مجال التمريض. عند فتح باب المشرحة دخلنا وإذا بشاب، هو نفسه الذي كان يقف بجوار طبيب التحرير يمد ذراعه ليمنعني من الدخول. لم يكن يرتدي البالطو الطبي وتطاول عليا بالسب وأخبرتني السيدة المرافقة له بعد سؤالها أن اسمه الدكتور عمرو محمود، من أطباء الطب الشرعي.

أما السيدة نفسها فقد عرفت نفسها بأنها الدكتورة سعاد عبد الغفار، مديرة التشريح، وهي ذات السيدة التي كانت واقفة في الشباك وتصرخ في المحامين والأهل بأن الدخول ممنوع،

وقفت الدكتورة سعاد في ممر المشرحة تحقق مع والد عصام عن كيفية دخوله السجن والحكم وسبب الحكم عليه وتطورات الأحداث. قلت لها أنه إذا كنا بصدد تحقيق لندخل إلى غرفة ونبدأ في تحقيق س و ج وان أي شيء غير ذلك ليس من حقها. لكنها صممت وقالت بالحرف الواحد: من حقي وأنا أحتفظ بالمعلومات هنا، وأشارت إلى رأسها.

بعد استجواب والد عصام قالت تطمئننا أن تقرير الهينة الحشوية سوف يصدر قريبا ولما سألتها لماذا لن يصدر تقرير عن التشريح الكامل قالت بالطبع سوف يصدر. وقد حاول الدكتور عمرو محمود مرة أخرى أن يتدخل في الحديث لكنني رفضت وساعدت هي كذلك في إسكاته. ثم سألتني إذا كنت أتحمل رؤية المرحوم، فرددت بالإيجاب.

في المشرحة.
هذا المكان الذي دخلت إليه لا يمكن أن يمت إلى الطب بصلة. حجرة بها سريرين ألومونيوم، دماء على الأرض وعلى السريرين. المرحوم عصام مفتوح صدره وبطنه مكشوف تماما باستثناء ورقة كلينكس صغيرة موضوعة فوق عورته. مخه على رف جانب السرير المعدني، وأعضاء أخرى لم أتبينها. بدون فورمالين، بدون تلاجه. عرضت على الدكتورة سعاد ما قالت أنه حنجرة عصام وبلعومه وفردتها أمامي ثم فردت اللسان والجزء العلوي من المريء، وكلها كانت خارج الجسد لتثبت لي انه لا توجد أي جروح نافذة في أي منها. قلت لها تعلمين أن نزيفا داخليا قد يصدر عن جروح لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة فقالت لي لذلك أخدنا عينات وسوف نحللها غدا كما سوف نستخدم الميكروسكوب غدا لأن اليوم الجمعة أجازة. ثم أشارت إلى الأمعاء الدقيقة المكشوفة في جسد عصام وقالت لي بالحرف الواحد. "إذا عاوزه تدوري بنفسك اتفضلي. وأكدت لي أنه لا يوجد نزيف من أي نوع فأكدت عليها مرة أخرى أنها لا يمكن أن تقرر ذلك بالكشف بالعين المجردة فقط وأن الأمر يحتاج إلى مزيد من الإمكانيات فأكدت أن ذلك سوف يحدث غدا.

اللفافة
ثم طلبت الدكتورة سعاد من شخص ما في الحجرة أن يعرض علي العينات التي أخرجوها من جسد عصام فجاء بعدد 2 برطمان أبيض بأغطية حمراء. الأول به شيء ما لم أتمكن من رؤيته. أما البرطمان الثاني فقد قلبه الرجل في يده وأخرج منه لفافة طولها حوالي 5 أو 6 سم، بيضاء ملفوفة بخيوط سوداء عليها بضعة قطرات قليلة من الدم، وقالت أخرجنا هذه اللفافة من معدته وسوف نرسلها للتحليل غدا.

لفافة؟ أيوه لفافة! هكذا أكدت حين بدا على الذهول من استخدام نفس المصطلح الذي استخدم في قضية خالد سعيد.
عند تأكيدها على مسألة اللفافة خرجت من حجرة المشرحة إلى باب المشركة الرئيسي فحاول الدكتور عمرو محمود منعي مرة أخرى وصرخ في الحرس بألا يسمحوا لأحد بالخروج. فما كان مني إلا أن طرق بعنف على الباب من الداخل إلى أن اضطروا أن يسمحوا لي بالخروج.

د. عايدة عصمت سيف الدولة
أستاذ الطب النفسي لكلية الطب جامعة عين شمس
عضو مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف والتعذيب
28 أكتوبر

الاثنين، 24 أكتوبر 2011

ما لم يسمعه المجلس العسكرى .

 كتب أ.علاء الأسواني.فى الأسبوع الماضى اتصل بى صديقى الإعلامى الكبير يسرى فودة وطلب استضافتى فى برنامجه الشهير «آخر كلام» حتى أعلق على الحلقة التى أجراها اللواء العصار واللواء حجازى من المجلس العسكرى على قناة دريم. تحمست للفكرة وشاهدت ما قاله اللواءان، ومع احترامى البالغ لهما فإن كلامهما جاء مخيباً للآمال، لأنه انحصر فى مديح قرارات المجلس العسكرى وبيان أوجه الحكمة والعظمة فيها. فى اليوم التالى اتصل بى الأستاذ يسرى فودة ليؤكد على موعد الحلقة، وبينما أستعد للذهاب إلى الاستوديو اتصل بى من جديد ليخبرنى بأن الحلقة تم إلغاؤها ودعانى لمقابلته. ذهبت إليه فوجدته هادئاً مبتسماً كعادته ولما سألته عما حدث قال بهدوء:
ــ «توجد ضغوط أدت إلى إلغاء الحلقة، أما أنا فقد قررت إيقاف البرنامج.. أنا لا أحتكم فى عملى إلا لضميرى ولن أقبل أبداً أن أعمل وفقاً لتعليمات أى جهة مهما كانت».
فى حياتى قابلت أشخاصاً قليلين فى مثل شجاعة يسرى فودة واستقامته الأخلاقية. إن موقفه الرائع ضد ضغوط المجلس العسكرى يقدم نموذجاً للإعلامى الشريف الذى لا يتنازل عن مبادئه أبداً مهما كانت المكاسب أو التهديدات.. يبدو أن المجلس العسكرى صار يضيق بالنقد مهما كان جاداً ومخلصاً. لقد بدأت حملة شرسة شاملة ضد حرية التعبير فى مصر: قبل إلغاء حلقة يسرى فودة قامت الشرطة العسكرية باعتداءات عنيفة ضد قناة 25 يناير وقناة الحرة وقناة الجزيرة مباشر مصر، بالإضافة إلى حذف موضوعات صحفية بعينها من بعض الصحف لأنها لا تعجب المجلس العسكرى... نحن نحترم القوات المسلحة كمؤسسة وطنية نعتز بها جميعاً، لكن المجلس العسكرى يجمع سلطتى رئيس الجمهورية والبرلمان أثناء الفترة الانتقالية وبالتالى من حقنا بل من واجبنا أن ننتقد قراراته السياسية. حتى تتضح صورة ما يحدث فى مصر يجب أن نجيب عن الأسئلة التالية:
أولاً: ما علاقة المجلس العسكرى بالثورة..؟
إن المجلس العسكرى لم يشترك فى الثورة ولم يدع إليها لكنه وجد نفسه أثناء الثورة فى لحظة تاريخية فاتخذ قراراً بعدم إطلاق النار على المتظاهرين. كان هذا القرار حكيماً ووطنياً مما أكسب المجلس العسكرى ثقة الثورة، وبالتالى ما إن تنحى مبارك عن الحكم حتى عاد ملايين المتظاهرين إلى بيوتهم وكلهم ثقة بأن المجلس العسكرى قد صار وكيل الثورة الذى سينفذ أهدافها جميعاً. المعروف أن الوكيل ليس من حقه أن يتصرف بعيداً عن إرادة موكله، لكن المجلس العسكرى تحول من وكيل للثورة إلى سلطة تفرض إرادتها على الثورة. النتيجة أن الثورة المصرية تعثرت وتعطلت. إن كل ما حدث فى أعقاب الثورة المصرية يعكس محاولات مستميتة من المجلس العسكرى من أجل مقاومة التغيير والمحافظة على نظام مبارك... أرادت الثورة دستوراً جديداً فرفض المجلس وقام باستفتاء على تعديلات محدودة فى دستور 71، ثم قام بإلغاء نتيجة الاستفتاء وأعلن دستوراً مؤقتاً احتفظ فيه بمجلس الشورى ونسبة 50% عمال وفلاحين، وقرر أن يكون النظام رئاسياً. أى أن المجلس العسكرى حدد شكل الدولة المقبل كما يريد دون استشارة المصريين وبعيداً عن إرادتهم. طالبت الثورة بحل المجالس المحلية وإغلاق الحزب الوطنى فرفض المجلس العسكرى وانتظر شهوراً طويلة حتى صدرت أحكام قضائية نهائية بالحل والإغلاق. استبقى المجلس العسكرى المسؤولين المنتمين إلى عصر مبارك فى كل مواقع الدولة.. طالبت الثورة بالعزل السياسى لأعضاء الحزب الوطنى الذين أفسدوا الحياة السياسية فى مصر حتى لا يفسدوها من جديد، لكن المجلس العسكرى ظل يدرس الأمر ولم يفعل شيئاً حتى تمكن فلول نظام مبارك من الترشح لمجلس الشعب.
ثانياً: هل حافظ المجلس العسكرى على كرامة المصريين..؟!
لقد قامت هذه الثورة من أجل الكرامة. كنا نحلم بأن يعامل أبسط مواطن فى مصر كإنسان له حقوق وكرامة.. لقد طالبت الثورة بإلغاء جهاز أمن الدولة حيث تم تعذيب المصريين وإهدار كرامتهم على مدى عقود، لكن المجلس العسكرى أصر على الاحتفاظ بهذا الجهاز الرهيب بعد تغيير اسمه إلى جهاز الأمن الوطنى.. لا يحتاج المرء إلى ذكاء كبير ليدرك أن جهاز أمن الدولة يقف وراء معظم الأزمات التى تحدث فى مصر بدءاً من الفتن الطائفية وحتى البلطجة والانفلات الأمنى.. ضباط أمن الدولة ينتمون فكراً وعملاً إلى نظام مبارك وهم سيفعلون كل ما يستطيعونه من أجل منع التغيير الذى سيؤدى قطعاً إلى محاكمتهم على الجرائم الكثيرة التى ارتكبوها فى حق المصريين وهم يملكون أدوات التخريب كاملة: معلومات دقيقة وعملاء مندسون فى كل مكان وأموال وفيرة يحصلون عليها من فلول نظام مبارك. لم يكتف المجلس العسكرى بالإبقاء على أمن الدولة بل أضاف إليه جهازا قمعياً جديداً: الشرطة العسكرية... فى شهور قليلة ارتكب أفراد الشرطة العسكرية ضد المصريين جرائم بشعة لم يحاسبهم أحد عليها: ضرب المواطنين وتعذيبهم وصعقهم بالكهرباء وهتك أعراض بنات مصر وتصويرهن عاريات بدعوى إجراء كشف العذرية، وأخيراً دهس المتظاهرين بمدرعة عسكرية فى مذبحة ماسبيرو.. فى أعقاب كل واحدة من هذه الجرائم كان المجلس العسكرى يعلن عن فتح تحقيقات لم نعرف نتائجها أبداً.أليس من حقنا أن نطالب بجهة تحقيق محايدة فى مذبحة ماسبيرو التى راح ضحيتها 27 مواطناً مصرياً..؟!
ثالثاً: هل يطبق المجلس العسكرى سياسة واحدة على الجميع..؟!
منذ البداية اقترب المجلس العسكرى كثيراً من جماعات الإسلام السياسى، ومن ناحية أخرى ـ جرياً على عادتهم التاريخية ـ قدم الإخوان المسلمون مصالحهم الحزبية على أهداف الثورة: بعد أن كانوا يطالبون بدستور جديد قبلوا تعديلات المجلس العسكرى وانحازوا إلى كل ما يفعله وصاروا بمثابة الجناح السياسى له حتى إن جريدة «المصرى اليوم» نشرت منذ أيام أن الإخوان فى حملاتهم الانتخابية يقومون بتوزيع اللحوم المدعمة من ميزانية الجيش. هذه المعايير المزدوجة امتدت إلى إجراءات القانون.. لقد تمت محاكمة 12 ألف مدنى أمام المحاكم العسكرية وهم يقضون الآن أحكاماً بالحبس. إن محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية انتهاك لحقوقهم الإنسانية والقانونية وللمعاهدات الدولية التى وقعت عليها مصر.. إن المجلس العسكرى يطبق المحاكمات العسكرية على مواطنين دون غيرهم. فالذين أحرقوا الكنائس وهدموا الأضرحة والذين قطعوا خط قطار الصعيد فى قنا لمدة أسبوعين ـ لم تقبض عليهم الشرطة العسكرية ولم تحقق معهم بالرغم من ظهورهم بالصوت والصورة فى فيديوهات كثيرة. فى الوقت نفسه كان الشاب على الحلبى، عضو حركة 6 أبريل، يرسم على الحائط ليدعو المواطنين إلى عدم انتخاب فلول نظام مبارك، فألقت الشرطة العسكرية القبض عليه وأحالته إلى النيابة العسكرية التى أمرت بحبسه فى السجن الحربى. تقدم الأستاذ جمال عيد المحامى وبعض زملائه إلى النائب العام ببلاغ ضد وزير الإعلام أسامة هيكل يتهمونه بالتحريض الطائفى ضد الأقباط فى التليفزيون الرسمى أثناء مذبحة ماسبيرو فإذا بالنائب العام يحيل البلاغ إلى القضاء العسكرى. هكذا يقرر المجلس العسكرى محاكمة المصريين عسكرياً أو مدنياً وفقاً لرغبته المطلقة. مثال آخر على المعايير المزدوجة: لقد قرر المجلس العسكرى مراقبة التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى، وهذه خطوة صحيحة وواجبة. من حق المصريين أن يعرفوا مصادر التمويل لكل الجماعات والأحزاب والمؤسسات فى مصر، لكننا نلاحظ أن المجلس العسكرى يراقب التمويل الخارجى من ناحية واحدة. إن الإخوان المسلمين وأعضاء الأحزاب السلفية ينفقون يومياً ملايين الجنيهات فى الدعاية الانتخابية.. أليس من حق الشعب المصرى أن يعرف من أين يأتى الإخوان والسلفيون بكل هذه الأموال..؟ هل اتخذ المجلس العسكرى أى إجراء لكشف مصادر تمويل الإخوان المسلمين والأحزاب السلفية..؟ لماذا لا يخضع المجلس العسكرى ميزانياتهم لرقابة الدولة..؟ هل يتمتعون بمكانة خاصة لدى المجلس العسكرى تمنعه من محاسبتهم..؟
رابعاً: ماذا فعل المجلس العسكرى من أجل اجتياز الأزمات..؟!
مصر الآن تمر بأزمات عديدة بدءاً من الانفلات الأمنى وحتى الأزمة الاقتصادية وركود السياحة. معظم هذه الأزمات مفتعلة ينفذها المسؤولون المنتمون إلى النظام القديم الذين أبقاهم المجلس العسكرى فى مناصبهم.. المشكلة الكبرى تتمثل فى الانفلات الأمنى: آلاف البلطجية والمساجين الجنائيين الذين أطلقهم نظام مبارك يعيثون فساداً فى كل مكان. الشرطة المصرية غائبة لأن قادتها ينتمون إلى نظام مبارك ويتقاعسون عن حماية المصريين ليعاقبوهم على ثورتهم.. وزير الداخلية لا يستطيع السيطرة على وزارته. يكفى أنه أكد أن القناصة الذين قتلوا الشهداء لا ينتمون إلى جهاز الشرطة ثم خرجت وثائق تؤكد وجود قناصة الشرطة فى إدارات عديدة.. لماذا لم يقم المجلس العسكرى بإقالة وزير الداخلية وإعادة هيكلة جهاز الشرطة بطريقة تؤدى إلى الدفع بضباط شرفاء محترمين إلى المناصب القيادية حتى يتمكنوا من استعادة الأمن للمصريين..؟! لماذا لا تتدخل الشرطة العسكرية لحماية المصريين من اعتداءات البلطجية..؟! إن الشرطة العسكرية تتدخل بقوة فى حالتين اثنتين فقط: إما من أجل قمع الثوار، وإما من أجل إنقاذ أحد مسؤولى النظام السابق إذا حاصره المتظاهرون.. هل فعل المجلس العسكرى ما يجب عليه من أجل استعادة الأمن فى مصر؟! أظن الإجابة واضحة.
لقد أدت سياسات المجلس العسكرى إلى إحباط المصريين وضاعفت من معاناتهم، كما أنها أعطت فرصة ذهبية لفلول نظام مبارك من أجل احتواء الثورة وتفريغها من طاقتها ومنعها من تحقيق أهدافها... إن الثورة المصرية تمر الآن بلحظة حرجة يحاول فيها نظام مبارك بمساعدة المجلس العسكرى أن يعيد إنتاج نفسه بشكل جديد. هناك توقعات جادة بأن تكون الأغلبية فى مجلس الشعب لأعضاء الحزب الوطنى.. لن نسمح أبداً بهذا المهزلة. لقد قدم الشعب المصرى ألف شهيد وألف مفقود (تم قتلهم غالباً ودفنهم فى أماكن مجهولة) و1400 إنسان فقدوا عيونهم إلى الأبد وعشرة آلاف مصاب.. بعد هذه التضحيات الجسيمة لن نقبل أبداً بأن يسيطر فلول النظام البائد على مجلس الشعب ويكتبوا بأنفسهم دستور الثورة التى قامت أساساً ضد فسادهم وظلمهم.
..إن دم الشهداء أمانة فى أعناقنا جميعاً لن نؤديها إلا إذا دافعنا عن الثورة حتى تحقق أهدافها وتبدأ مصر المستقبل بعيداً عن أشباح الماضى وفلول النظام الفاسد.
«الديمقراطية هى الحل»

القبض علي شريك «شارون» في المضاربة علي أرصدة المخلوع بسويسرا

في تطور مثير لقضية أرصدة الرئيس المخلوع ونجليه في البنك المركزي الإسرائيلي المتهم بالتلاعب فيها نتائيل شارون المستشار المالي للبنك، ألقت السلطات السويسرية الخميس الماضي القبض علي شريك ثان لشارون يدعي «كافكو أدوبولي» وهو يهودي يحمل الجنسية الإسرائيلية ويعمل في الفرع الرئيسي لبنك «يو. بي. إس» السويسري بجنيف.

ويأتي القبض علي «كافكو أدوبولي» بعد أن كشفت التحقيقات الإسرائيلية أن «كافكو» هو الشريك الثاني لنتائيل شارون المحتجز علي ذمة التحقيقات حالياً، وأن كافكو يعمل داخل بنك «يو. بي. إس» الموجود به أرصدة الرئيس المخلوع مبارك وعائلته التي صدرت بشأنها قرارات بالتجميد من الملحقية القانونية للاتحاد الأوروبي في 21 مارس 2011 بالقرار رقم 270 .

المثير أن «كافكو أدوبولي» قام بالتعامل سراً علي أرصدة مبارك وأسرته بشكل وهمي من سويسرا، مما نشط الحسابات في أرقام البنك المركزي الإسرائيلي، وكشفت التحقيقات أن كلاً من كافكو، وشارون حقق ربحاً قدره 350 ألف شيكل لكل منهما، أي المبلغ الذي اقتطع من أرصدة مبارك 700 ألف شيكل بما يعادل مليوناً و151 ألف جنيه مصري.

وكشفت التحقيقات أن رصيد مبارك وأسرته في البنك المركزي الإسرائيلي والذي ضارب عليه «شارون وكافكو» بلغ 2.3 مليار شيكل وليست ملياراً فقط كما أظهرت التحقيقات الأولية.

الأكثر إثارة أن التحقيقات أظهرت أن «كافكو أدوبولي» كان صديقاً حميماً لعلاء وجمال مبارك، وأنه كان علي علم تام بكل أرصدة الرئيس المخلوع وأسرته، من خلال عمله لسنوات داخل الفرع الرئيسي لبنك «يو بي اس» في العاصمة السويسرية.

الخطير أن التحقيقات توصلت إلي أن أرصدة مبارك ونجليه لم تكن في حساب واحد، بل كانت موزعة علي عدد من الحسابات، وهو ما يطرح تساؤلاً مهماً: هل قرار التجميد الأوروبي تم علي كل حسابات مبارك وأفراد أسرته، أم أن هناك حسابات لا تزال خفية لا يعلمها إلا شارون في إسرائيل وأدوبولي في سويسرا.

يذكر أن السلطات السويسرية وضعت كافكو أدوبولي قيد الإقامة الجبرية داخل منزله في جنيف.

15 مليار دولار قيمة سبائك البلاتين المهربة من مبارك لإسرائيل

معلومات موثقة بالمستندات حصلت عليها "روزاليوسف" تكشف خط سير أكبر شحنة معادن ثمينة خرجت من مصر في عصر الرئيس المخلوع "محمد حسني مبارك" بوزن 19 طنا و400 كيلو سبائك بلاتين في ديسمبر 1982 وهي شحنة تؤكدها وثائق البنك المركزي السويسري والسجلات الأوروبية وتحريات مكاتب مكافحة الاحتيال وغسيل الأموال الدولية حاليا وكلها تكشف أن سبائك مبارك الذهبية والبلاتينية مرت من البوابة القبرصية ومنها إلي تل أبيب حيث تمت عملية إسالة السبائك بفكرة يهودية لتغطية مناقصات حكومية رسمية لإنتاج العملات الذهبية التذكارية بأنواعها لحساب السوق الإسرائيلية وأسواق عالمية أخري نجح فيها الرئيس المخلوع مع "اسحق حوفي" و"ناحوم أدموني" رؤساء الموساد في غسيل رصيده الذهبي في البنك المركزي القبرصي عبر فرع شركة "بوليون المحدودة" المملوكة لمبارك في تل أبيب منذ عام 1981 .

في البداية كانت أول الحقيقة الحصول علي نسخة رسمية من الوثيقة المشفرة بالكود رقم (6540078688-إتش-564664) الصادرة في شكل وثيقة إيداع رسمية حكومية من البنك المتحد السويسري "البنك المركزي" لوديعة معدنية عبارة عن سبائك من معدن البلاتين تزن 19 طنا و400 كيلو جري إيداعها بتاريخ 11 ديسمبر 1982 تحت رقم (2709987- بي-2709) وهي منقولة من القاهرة برقم (270711098) برقم دولي (بي إن 207107) بتعريف (دي سي إل 40707 إل إس 709) لسبائك مدموغة بالرقم 711071 بعلامة "فلاينج هورس" لسبائك مدموغة من عيار بي دي 6453 سي إل إس 9999 ببوليصة تأمين مرفقة رقم 2709987 بي 2709 برقم (دي إن ايه القاهرة دي سي 70987 بي 27098 باسم صاحب الشحنة "حسني مبارك" تم إيداعها بالبنك المركزي الحكومي السويسري برقم (بي ايه 7110753 سي دي إل 787) برقم مسلسل (070987114025 بي إس) تشفير (إن دي إس 11107110 إل 27098110789) وقد مرت الشحنة بالإجراءات الرسمية وحصلت علي الموافقة الحكومية السويسرية من مكتب وزير المالية السويسري برقم (إف إل بي 5640453553 إي دي 543078688/إم/117071107/طبقا للقانون 1980) وقد تم تأريخ الشحنة بالرقم المشفر 4187 بي إتش 2098 بازل سويسرا 11 ديسمبر 1982 وقد ذكر في تقدير الشحنة المالي أنها بسعر يومها 11 ديسمبر 1982 كانت تقدر ب14 مليارًا و900 مليون دولار أمريكي وقد كان التقدير إلزاميا حيث إن الشحنة مؤمن عليها ومرفق بها كما طالعنا وثيقة تأمين حكومية سويسرية تمنع أي جهة من الاستيلاء عليها وإلا تصبح الحكومة السويسرية ملزمة برد المبلغ التقديري لصاحب الوديعة.

الغريب أن مصر عمليا في ذلك التاريخ لم تكن قد بدأت إنتاج السبائك الذهبية بأنواعها بعد، كما أن أحدا من مصر لم يبلغ عن فقد تلك الكمية الهائلة من البلاتين، كما لا يوجد تسجيل صناعي لتلك الكمية الكبيرة من البلاتين في تواريخ معاصرة سابقة أو لاحقة علي الشحنة علما بأن أول إنتاج مصري للسبائك الصفراء كان في إبريل 2007 بإشراف شركة "ماتزهولدينجز" القبرصية.

لكن في التحريات الأوروبية نجد الجواب، فقد تمت سرقة جبانات الآثار المصرية في معظم مناطق مصر الأثرية في تلك التواريخ المعاصرة حتي إننا وجدناها في سجلات شرطة سكوتلاند يارد في لندن ومذكور أنها سبائك عالية النقاء لقطع أثرية معدنية أفرغت تقريبا من عنصر البلاتين واختفت تماما داخل سبائك.

معلومات أخري أكدت أن أطنانًا من البلاتين كانت موجودة في أشكال ممتلكات عدة لأملاك أسرة محمد علي والتي كان يشرف عليها زكريا عزمي شخصيا ومبارك كرئيس للدولة داخل القصور الرئاسية خاصة قصر عابدين.

إذا كان لابد أن نعود لتاريخ الصاغة المصرية حتي نفك اللغز فوجدنا ذكريات متعددة لتجار كبار وورش تاريخية رفض أصحابها ذكر أي معلومات عنهم يتذكرون أن جهة ما تابعة للرئيس الجديد وقتها "حسني مبارك" قامت فعلا بإخلاء ورشتين محددتين في تاريخ يسبق الشحنة بشهور قليلة وأنهم كانوا بالفعل يعدون سبائك بلاتين اعتقد التجار أنها خاصة بالدولة مع أنهم تشككوا يومها وتساءلوا لماذا لم تصب في مسابك الحكومة وكان جزاؤهم زيارات مرعبة لوزارة الداخلية المصرية وكنا في عصر وزير الداخلية اللواء "حسن أبو باشا" الذي شغل المنصب من 3 يناير 1982 حتي 16 يوليو عام 1984 .

والغريب أن معلومة أخري من تلميذ للواء "محمد النبوي إسماعيل" الذي شغل المنصب منذ 26 أكتوبر 1977 حتي 2 يناير 1982 تؤكد أن النبوي لم يرد أن يتلطخ اسمه بالمزيد من خطايا مبارك فقرر الخروج من الوظيفة وليس كما جاء في الرواية الرسمية وأن أحد أهم الأسباب كانت في قضية تسييل البلاتين التي كانت من المفروض أن تتم تحت رعاية وحراسة وزير الداخلية والأغرب أن إحدي محاولات اغتيال النبوي لم تكن من قبل الجماعات الإسلامية بل كانت من قبل رجال مبارك لأن النبوي لمح في أحد المناسبات الخاصة بقشور معلومات عن تهريب البلاتين وقد صمت بعدها النبوي نهائيا بعدما نجا من الموت.

هنا كان لابد أن نعود لما حدث بعدها لخط سير السبائك لنجد معلومات أوروبية موثقة تثبت أن سبائك البلاتين استبدل أكثر من نصفها في البداية لسبائك ذهبية وأن الكميات كلها حولت إلي البنك المركزي القبرصي في قبرص التركية حيث نجد هناك لأول مرة تأكيدات مستندية تفيد بأن شركة "بوليون المحدودة" المملوكة لعلاء مبارك في قبرص كانت قائمة منذ ديسمبر عام 1981 وأنها أقيمت أصلا علي يدي الأب محمد حسني مبارك وأن منشأ الشركة يسجل أن "زكريا عزمي" هو مؤسسها إداريا وقد كانت قائمة طيلة الوقت بل إنها تاريخيا أول شركة مصرية يقام لها فرع في تل أبيب بنفس الاسم "بوليون المحدودة" وأن تلك الشركة هي أولي شركات التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل وقد استمرت في عملها مع اختلاف واحد وهو إضافة نشاطات جديدة علي الشركة في عام 1996 عندما آلت ملكيتها لنجل المخلوع علاء مبارك ولا تزال تعمل حتي الآن في تل أبيب حتي بعد دخولهم جميعا للسجن.

المشكلة كانت في كيفية غسيل تلك الكمية دون أن يشك أحد خاصة مع العلم أن أرقام وبيانات الشحنة لا تزال مسجلة في المستندات الأوروبية وقد كانت محل بحث دقيق مؤخرا لأجهزة مكافحة الاحتيال وغسيل الأموال حتي خرجت المعلومات عنها.

الحقيقة في سر غسيل سبائك مبارك البلاتينية المختفية كان في الفرع الإسرائيلي لشركة بوليون المحدودة" المملوكة منذ عام 1981 للرئيس المخلوع ففي نهاية عام 1982 طلب مبارك مساعدة صديقين له في إسرائيل هما "اسحق حوفي" الذي ساعد مبارك لإنشاء فرع «بوليون تل أبيب» وكان علي وشك ترك الخدمة ومن بعده "ناحوم أدموني" رئيس الموساد حتي 1989 اللذين طرحا عليه الفكرة والحل الذي يبحث عنه مقابل عمولة خاصة دفعها مبارك لهما.

أما الحل فكان يكمن في دخول شركة مبارك "بوليون المحدودة" في المناقصات الحكومية الإسرائيلية لإنتاج وتصنيع العملات المعدنية الذهبية التذكارية وكانت أولها مناقصة إنتاج عملة إسرائيلية تذكارية علي اسم الملياردير اليهودي المناصر لإسرائيل "روتشيلد" فوجد مبارك أن الفكرة حلت له مسألة غسيل السبائك بشكل نهائي فوافق علي الفور ودخل المناقصة رسميا.

ولأنه مبارك فازت «بوليون المحدودة تل أبيب» بالمناقصة وخرجت عملة روتشيلد الذهبية فئة العشرة أجوارات بنقاء 900% بسعر سوقي 650 دولارًا أمريكيا للقطعة وأسال مبارك يومها أول طن من السبائك في ديسمبر عام 1982 أي بعد أيام معدودة من خروج الشحنة من مصر لسويسرا ومنها لقبرص ثم إسرائيل وقد نجحت الصفقة ووزعت القطعة التذكارية من إسرائيل حتي استراليا وأصبحت بوليون إسرائيل ذائعة الصيت.

في سجلات بورصة إسرائيل الذهبية المعروفة باسم "سبيل الذهب" وجدنا خط السير موثقًا بين تاريخ العملات الذهبية المنتجة في إسرائيل باسم شركة بوليون التي علمنا أنها قامت بعدد 12 عملية إنتاج استهلكت من رصيد سبائك مبارك حتي عام 2000 ما يعادل 17 طن بلاتين انتجت خلالها الشركة عملات ذهبية بيضاء وصفراء لمعظم دول الاتحاد الأوروبي وحتي للولايات المتحدة الأمريكية ومن السجلات وجدنا أن في عام 1985 صدر في واشنطن القانون الفيدرالي الموحد لإنتاج العملات الذهبية التذكارية وهو القانون الذي أتاح بشكل رسمي لمبارك أن يسيل كل ما يمكنه الحصول عليه من سبائك في أمريكا نفسها.

في عام 2000 توقفت بوليون عن إنتاج العملات الذهبية في داخل إسرائيل بسبب الضرائب الباهظة وسحب مبارك كل الرصيد المتبقي من السبائك وردها إلي البنك المركزي القبرصي لينتج من هناك لأن قبرص معروفة أنها أصل السبائك في العالم خاصة أن علاء مبارك حصل علي شروط إنتاج جيدة من الحكومة القبرصية التركية.

كان لم يتبق من الكمية التي قاموا بتهريبها من مصر عام 1982 سوي 2 طن و400 كيلو بلاتين أبيض وخلال عام 2010 كانوا قد نجحوا في الفوز بثلاث مناقصات حكومية من بريطانيا وفرنسا وبلجيكا أسالوا فيها معظم ما تبقي من رصيد البلاتين حتي إن البنك المركزي القبرصي قد سلم منذ أيام قليلة النائب العام القبرصي "بيتروس كليريدس" بيانًا بما تبقي من رصيد مبارك الذهبي وهو 274 كيلو ذهب أصفر و50 كيلو بلاتين لم تنجح العائلة يومها في تسييلها مع أن الموقع الإسرائيلي المتخصص "قيراط 8" قد أكد أن بوليون تل أبيب في 12 مايو 2010 فازت بمناقصة إنتاج عملة إسرائيلية تذكارية فئة العشرين شيكل تحمل شعار أسد يهوذا التوراتي من جهة ومن الجهة الأخري مدينة القدس وزن القطعة أوقية واحدة من عيار ذهب 24 علما بأن الأوقية المصرية تساوي كما تقول الموسوعة العالمية 34 جراما غير أن بوليون سلمت للسوق الإسرائيلية 3600 قطعة فقط ولم تكمل المناقصة لظروف خاصة بملاك الشركة كما ذكر وبالقطع نحن نعلم تلك الظروف.

بالإضافة إلي ذلك هناك معلومات حديثة تكشف عن جواب رسمي حول التساؤلات عن مصدر الشحنة الأولي وكيف قام مبارك بتجميعها بعد عامين فقط من حكمه جاءت فيما كشفه وزير المعادن السوداني الدكتور "عبد الباقي الجيلاني" في 7 أغسطس 2011 لوسائل الإعلام السودانية عندما أكد معلومات سودانية سيادية تشير لتهريب 36.8 طن ذهب وبلاتين إلي إسرائيل عبر مصر خلال فترة الرئيس المخلوع مؤكدا أنها كانت أموال شحنات سلاح غير شرعي لدول إفريقية قامت بالدفع لمبارك مورد الصفقات في عدد منها والوسيط في عدد آخر لأن تلك الدول كانت لا تمتلك سيولة نقدية فدفعت في شكل غطاء سبائك بلاتينية وهي إجابة رسمية تعد الأولي من نوعها عن مصادر بلاتين وذهب مبارك المهرب من مصر وربما تفجر في نهاية الأمر حقيقة مروعة جديدة وهي أن مبارك كان وسيطا للسلاح الإسرائيلي لدول إفريقيا.

السويس مولعة

السويس مولعة، أنا قلت: إيه؟!
صهيونى ثانى ولا إيه؟؟
قالولى : مصرى! قلت: ليه؟؟؟
قالولى: عبد وكتِّفوا برشاش إيديه

... يعنى السويس الحرة ست البيوت
إللى الشهادة تحتها تصبح مزاج
تصد جيش داوود بغنوة سمسمية
وشبابها يأتوا المعجزة جوة الطاغوت
ييجى عليها اليوم وتولع من نيرون؟؟
والشعب ياخد طلقته فى الظَّهر ليه
والغدر مين دلُّه على بيوت السويس؟

يا عبد وأنت مسلسلك عبد ابن عبد
ومسلسلين كده كلكم جوة التابوت
يا موحشين شكل الحياة.. يا ناس روبوت
بالأمر تفهم، وإن فهمت تموت قوام
شنبات غليظة والعصا وكروش تقرَّف
ودم أهلك فى الهزار لا تقول وتوصف
تضرب قنابل فى السويس إزاى يا نيلة؟
وتنسى نفسك فى الدمار وترد ديب
ما تقولش مصرى اتحرمت والله عليك
الشكل واحد واللسان والغمازات
بس القساوة حفَّرت جواك خرابة
تمد إيدك بالغبا على ناس غلابة
وتجرّى أصحاب البيوت جوة السويس
يا ضيف ثقيل.. يا عار يا شوم
الموت مفحفح من هدومك والبيادة
يا خسارة التعب اللى راح على دى الرباية
يا ضبع، يا محتل، يا نحس الجراد
يا خاين اللقمة، يا دون، يا ابن الحرام
خسارة فيك والله التحية العسكرية
وإن مت ما تعتِّبش من باب الشهيد
يا شىء، يا ميكروب التعاسة والأسى
يا عبد خانع بالنجوم والكتَّافات
حل القيود وارتد راجل مش نفر
وخللى عندك مالخشا ومن النظر
ده أنت فى سويس الحب فى سويس المقاومة
يعنى انحنى واخشع.. واخلع ناعِليك
ملِّس على بيوت السويس والسمسمية
طبطب على البحر الكبير والبمبوطية
واطفى السيجارة عند شارع الأربعين
ومللى عينك ماللى كافحوا من سنين
وارمى الحمول فى المينا واركبلك بلا نص
خش استحمى اياك تفوق
وصلى -مسلم أو مسيحى- خش صلى بالدموع
ياللى أنت راضع غاز مسيّل للدموع
وكُح دم إياك تعود زى أما كنت
تترد لك حتة ضمير
وتتوب على أرض السويس

منقول .. الكاتب غير معروف

الأحد، 23 أكتوبر 2011

مصابى الثورة وطلة الأمل

 

مصابي الثورة

بدون مقدمات عاطفية وهدخل في الموضوع على طول
مصابي الثورة احنا مقصرين في حقهم بدرجة كبيرة جدا الا قلة قليلة لسه بتسأل عليهم وبتشوف احتياجاتهم وبتدور عليهم على قد ما يقدروا
كان نفسي مانحتاجش نعمل مبادرة او نستنى مبادرة وكل واحد فينا من نفسه كان يخصص نص ساعة كل اسبوعين لمصاب من مصابي الثورة ..بس واضح ان الدنيا تلاهي والمشاكل كتير والناس مشغولة في حاجات لا تقل اهمية عن الموضوع دا
انا بشكل شخصي مش شايفة ان ليا دور في الفترة القادمة وموضوع الانتخابات اللي داخلين عليه ..وبما اني فاضية نسبيا دلوقتي فمش شايفة حاجة اهم من مصابي الثورة
في مركز تأهيل العجوزة ..دا مركز تأهيل تابع للقوات المسلحة خلف مستشفى العجوزة .في مركز التأهيل دا في 10 من مصابي الثورة المصابين بشلل بدرجات مختلفة
بيتعاجلوا على نفقة القوات المسلحة في الحقيقة بس في استشاري مهم زارهم من فترة ووصى بدوا اسمه cerebrolysin
الدوا دا بيعمل حاجة اسمها nerve regeneration
وبيفرق جدا جدا في حالة المريض
في ناس تبرعت بعدد من علب الدوا قبل كدا وبعد شهرين من العلاج حصل الاتي :
محمد سمير بدأ يحرك رجليه
تامر بدأ يمشي على عكاز
محمد ربيع داخل يعمل عملية قريبا وفرصه في الشفا ارتفعت جدا بسبب الدوا
رندا ابتدت تتحرك
رشا ابتدت تحس برجلها
الموضوع ايه بقى..ان المستشفى لا تتكفل بتمن الدوا وخارج ميزانية العلاج المخصصة .اعتقد معتبرينه دوا رفاهية مادام هما بيعملوا العمليات اللازمة وبيعملولهم التأهيل
الدوا تكلفته مرتفعة جدا ..زي ما قلنا هم 10 مصابين..كورس العلاج 8 اسابيع ..كل مريض بيحتاج 6 علب في الاسبوع وعلبة الدوا ب 150 جنيه ..اعملوا انتو الحسبة :)
عندي امل نقدر نوفرلهم علب الدوا ..احنا مش قليليين لو كل مجموعة اشتركت في علبة واحدة اعتقد اننا هنقدر
المجموع 480 علبة بس بسببهم ممكن ناس مش قادرة تمشي تقدر ترجع طبيعية
العلب نقدر نسلمها في ادارة المستشفى ..عند مدام اميرة مديرة مكتب مدير المستشفى دكتور رضا ويتم تبليغهم ان دا لمصابي الثورة
الاهم بقى من دا كله ..مصابي الثورة بيسألوا ..هو الناس فين !ماحدش بيزورنا ليه!

السبت، 22 أكتوبر 2011

الشعب المصري الملهم يبعث رسائل التحرير.



أعد الملف: بيسان كساب
من ميدان التحرير فى مصر إلى ميدان الحرية فى أمريكا.. الثورة مستمرة.
ما زالت الثورة المصرية تلهم العالم، وتمنحه نداء الحرية، الثورة المصرية التى انتقلت إلى دول عربية مجاورة هى ليبيا وسوريا، تخطت هذه المرة الحدود ووصلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بكل تفاصيلها، بداية من التمركز فى ميدان إلى التصدى للشرطة ورفع اللافتات.
حركة «احتلوا وول ستريت» فى أمريكا، رأت فى ميدان التحرير «نموذجا ملهما للاحتلال السلمى للساحات والميادين»، كما قالت على موقعها الرسمى، أو بعبارة أكثر عاطفية «شكرا يا مصر، ندين لك بدين كبير للغاية، نتمنى أن يمتد العمر بنا لتسديده»، كما تقول شيرى وولف القيادية فى منظمة الاشتراكية الأممية، إحدى أهم الحركات السياسية المنظمة للتظاهرات.
وولف أضافت لـ«التحرير» «ما من شك فى أن الربيع العربى هو الميلاد لخريف التمرد الأمريكى هذا، فحتى أولئك الذين يمارسون العمل السياسى للمرة الأولى يتحركون على خلفية ما، رسختها التغطية الإعلامية للانتفاضة المصرية، التى غيّرت من الطريقة التى ينظر بها الأمريكيون إلى العرب بصورة عامة والمصريين خاصة، فثورتكم ألهمت الأمريكيين التفكير على نحو مختلف عن تلك الطريقة التى اعتادوها»، بحسب نص خطاب أرسلته ردا على أسئلة من «التحرير» عبر البريد الإلكترونى.
«احتلوا وول ستريت»، الحركة التى تمخضت عنها مئات الحركات فى العالم كله، حتى وصلت إلى إنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» بعنوان «احتلوا كوكب الأرض»، ولدت فى الأساس بسبب الشعور بالمظالم الاجتماعية، كما يعبر بيان الحركة بعد احتلال ساحة الحرية فى مانهاتن فى مدينة نيويورك «جئنا لنعلن ضرورة إصلاح النظام، لحفظ حقوقنا وحقوق جيراننا، بينما الشركات الكبرى التى تقود حكوماتنا تضع الأرباح قبل الناس، والمصالح الفردية قبل العدالة، والقمع قبل المساواة».
ويتجلى هذا الغضب من المظالم الاجتماعية فى ما تطالب به «احتلوا وول ستريت»، بما تسميه بإنهاء سيطرة وطغيان أقلية لا تزيد على 1% من الشعب على ٩٩٪ أخرى منسية عبر فرض ضرائب على القطاع المالى برمته، كالبنوك والبورصة، وشركات التأمين تكفل توزيع أعباء الأزمة الاقتصادية العالمية توزيعا عادلا، والضريبة التى تقاتل لأجلها تلك الجموع، التى أخذت تتزايد حتى انتقلت عدواها إلى 1500 مدينة فى أوربا وآسيا بخلاف أمريكا نفسها، هى ضريبة روبن هود التى انطلقت فكرتها أولا فى إنجلترا، ويقول أصحابها إن فرضها سيوفر للموازنة البريطانية عشرين مليار إسترلينى تكفى لتحسين التأمين الصحى ومكافحة الفقر، لكن المفارقة أن ما تسمى بـ«حكومة الثورة» فى مصر -التى ألهمت وول ستريت- تراجعت عن تطبيق تلك الضريبة فى مصر على صفقات الاستحواذ وتوزيعات الأرباح فى البورصة، بعد احتجاج رجال الأعمال وضغوط رئيس البورصة السابق محمد عبد السلام، بمجرد الإعلان عن الضريبة المقترحة بواقع عشرة فى المئة فقط خلال الفترة التى شغل فيها سمير رضوان منصب وزير المالية، وفضّلت تلك الحكومة فى المقابل اعتماد موازنة تقشفية تراجعت فيها عن وعود الإعفاء الضريبى للفقراء مثلا، وهذا فقط للتذكرة.

كيف تحكم الشركات العالم؟
أمريكا تسيطر على قائمة أكبر الشركات فى العالم بـ133 شركة.
لن يستغرقك الأمر طويلا كى تدرك لماذا انضم كل أولئك الغاضبين للحركة التى تجتاح العالم تقريبا بنفس سرعة اندلاع وتطور الثورات العربية، فقط نظرة خاطفة على قائمة مختصرة جدا لأكبر الشركات على مستوى العالم وفقا لتصنيف مجلة «فورتشيون» السنوى، على سبيل المثال، ستكون كافية جدا، لمعرفة الإجابة.
التصنيف يضم 500 شركة على مستوى العالم، 133 منها أمريكية المنشأ و68 يابانية، و61 شركة صينية، و35 شركة فرنسية، و34 شركة ألمانية، و30 شركة بريطانية، و15 شركة سويسرية و14 شركة كورية، و12 شركة هولندية، و11 شركة كندية، وعشر شركات إيطالية، وتسع شركات إسبانية، وثمانى شركات تايوانية، وثمانى شركات هندية، وسبع شركات برازيلية، وسبع شركات روسية، وخمس شركات بلجيكية، وثلاث شركات مكسيكية، وشركتان سنغافوريتان، وشركتان دانماركيتان، وشركة واحدة هى لكل من فنزويلا وتركيا وتايلاند والنرويج، والنمسا وأيرلندا وكولومبيا والسعودية وهى الدولة العربية الوحيدة التى تضمها القائمة عبر شركة «سابك» (الشركة السعودية للصناعات الأساسية)، التى تحتل المركز 210 فى القائمة وتعمل فى «الكيماويات المتخصصة، والبلاستيكيات المبتكرة، والأسمدة، والبوليمرات، والمعادن» حسب ما يقوله موقعها الرسمى، وتصل عائداتها إلى ما يقرب من 41 مليار دولار وأرباحها إلى نحو ثمانية مليارات وأصولها إلى 85 مليارا، وتوظف نحو 33 ألف عامل.
وتحتل سلسلة «وول مارت» الأمريكية لتجارة التجزئة المركز الأول فى القائمة للمرة الثانية على التوالى بعائدات تجاوزت 421 مليار دولار وصافى أرباح تجاوز 16 مليار دولار، بينما حجم أصولها تجاوز 180 مليار دولار، فمثلا تمتلك السلسة 3000 فرع فى الولايات المتحدة.
وبذلك تصل أرباح «وول مارت» إلى أكثر من واحد فى الألف بالناتج المحلى الإجمالى كله للولايات المتحدة نفسها، والذى جاوز 14 تريليون دولار فى عام 2010، وفقا لموقع المخابرات المركزية الأمريكية.
وتضم المجموعة العملاقة نحو مليونين ومئة ألف من العاملين فى فروعها على مستوى العالم لكنها واجهت دعوى قضائية أمام المحكمة العليا -نجت منها لاحقا- تتهمها بالتمييز ضد 1.5 مليون امرأة من العاملات الحاليات والسابقات لديها.
وتتضمن المراكز العشرة الأولى فى قائمة «فورتشن» لأكبر شركات العالم على كل حال، سبع شركات تعمل فى مجال البترول والطاقة، وعلى رأسها شركة «شل» العالمية -والهولندية المنشأ -للطاقة وصناعة البتروكيماويات، والتى تحل الترتيب الثانى فى القائمة بعائدات تجاوزت 378 مليار دولار بارتفاع بلغ 61 بالمئة فى 2010 عن عائدات العام السابق وأرباح تجاوزت عشرين مليارا، وحجم أصول بلغ 322.560 مليار جنيه، ويعمل بها نحو 97 ألف عامل.
وتحل فى المركز الثالث للعام الثانى على التوالى شركة «إكسون موبيل» الأمريكية، التى يرأس مجلس إدارتها ريكس تيليرسون، بأرباح تقترب من 355 مليار دولار وأرباح تزيد على 30 مليارا، بارتفاع وصل إلى 57 بالمئة، قياسا بأرباح العام السابق وحجم أصول فاق 302 مليار.
بينما تحتل «بريتش بتروليم» البريطانية (بى بى) التى يرأس مجلس إدارتها روبرت دودلى العاملة فى مجال النفط المركز الرابع بنفس التصنيف فى تقرير العام السابق.
وتليها مجموعة «سينوبيك» (الصين للبترول والصناعات الكيماوية) الصينية العاملة فى نفس المجال فى المركز الخامس، بعدما تقدمت خطوتين قياسا للمركز السابع الذى احتلته فى نفس القائمة العام الماضى، بعائدات تجاوزت 273 مليار دولار وأرباح تقترب من ثمانية مليارات دولار وأصول جاوزت 225 مليار ر دولار.
أما المركز السادس فتحل فيه شركة «الصين الوطنية للبترول» التى يرأس مجلس إدارتها جيانج جيمين، والتى قفزت من المركز العاشر فى تصنيف العام السابق بعائدات جاوزت 240 مليار دولار وأرباح تخطت 14 مليارا وأصول يقترب حجمها من 400 مليار دولار.
فيما تحتل «جريد ستيت للطاقة» الصينية التى تأسست فى عام 2002 المركز السابع.
وتليها فى المركز الثامن شركة «تويوتا» اليابانية لتصنيع السيارات التى تواجه الآن أزمة انخفاض إنتاجيتها بعد الدمار الذى لحق بأحد مصانعها من جراء زلزال تسونامى مارس الماضى.
ثم تحل فى المركز التاسع شركة «اليابان للبريد».
وتحتل «شيفرون» الأمريكية للطاقة المركز العاشر بعدما تقدمت للأمام مركزا واحدا قياسا لموقعها فى تقرير العام الماضى.

نحن نسأل.. وثوار أمريكا يجيبون
شيريل وولف: الوعى مرتبك.. لكنها البداية.. جوستين أكر: قضايا المهاجرين والعنصرية.. تتصدر.
«هذا هو التمرد الذى عشنا ننتظره ونبنيه طوال حياتنا».. هكذا تصف شيريل وولف العضو باللجنة القيادية فى المنظمة الاشتراكية الأممية فى أمريكا، حركة «احتلوا وول ستريت».
«صحيح أننا ما زلنا فى الولايات المتحدة فى لحظة بعيدة عن الثورة الاشتراكية.. فلا بد أن نتذكر جيدا أنها المرة الأولى منذ عقود التى نشهد فيها نضالا جماهيريا بهذا الاتساع، ولذلك فالوعى الطبقى ما زال مرتبكا. واليسار المنظم صغير، وبدأ لتوه فقط فى التطور والنمو. لكنها البداية على كل حال» تجيبنا وولف، من الولايات المتحدة، عن التساؤل الأبرز حول احتمال تصدع الرأسمالية فى عاصمتها الأولى بعد انطلاق تظاهرات احتلال عواصم المال العالمية، احتجاجا على «جشع الشركات»، بحسب الاصطلاح الشائع الآن.
توضح الناشطة الأربعينية التى انضمت لأول مرة إلى تنظيم ماركسى قبل نحو 28 سنة، أنها لم تشهد طوال حياتها منذ الستينيات الطبقة العاملة الأمريكية تنضم، لتنفجر بالغضب الاجتماعى والاقتصادى بهذا الشكل.
يواجه اليسار الأمريكى مع ذلك مشكلة حجمه الصغير نسبيا بالنسبة لتعداد السكان هناك، بينما قيادات الطبقة العاملة المحنكة قد شاخت الآن، لأن «الصراع قد تعدى جيلا كاملا»، على حد تعبيرها.
ومع ذلك فكل التنظيمات اليسارية منغمسة فى الحركة، كما تقول شيريل، ودورها هو منع تمييع القضية أو اختزالها فى صندوق انتخابات أو إصلاحات هنا أو هناك.
أما المنظمة الاشتراكية الأممية نفسها التى تنحدر منها وولف، حسب ما تقول، فقد شهدت مؤخرا مؤتمرها السنوى، وهناك بقبضاتهم المرفوعة، رمز التيار الاشتراكى الثورى، بينما تصدح الموسيقى بنشيد الأممية، كان آلاف الشباب الاشتراكى من أعضاء المنظمة فى ختام المؤتمر، وكأنما يعيدون تعريف كلمة أمريكا إلى الأذهان، محاولين محو تلك الصورة التى يعد فيها الإيمان بالرأسمالية مرادفا للوطنية الأمريكية، لكن الأمر يصعب معه تصور المشهد أمريكيا على الإطلاق، إلا إن كنت هناك تراهم رؤيا العين و«تقرص» نفسك حتى تصحو من الحلم العجيب، فكل أولئك الأمريكيين هنا أمامك لإدانة كل ما تعنيه أمريكا فى الذهن.
إذ تعد منظمة الاشتراكية الأممية حاليا أكبر المنظمات الاشتراكية فى أمريكا، وتدير عملها الدعائى عبر مركز الدراسات الاقتصادية والتغيير الاجتماعى الذى يملك دار نشر «هاى ماركت» المعنية بنشر الكتابات الاشتراكية والراديكالية، وموقع «نحن الكثرة» -we are many- الذى ينشر مقاطع فيديو للتحركات الاجتماعية والندوات والمؤتمرات التى ينظمها المركز، و«مندويز» mondoweiss، وهى مجلة معنية بشؤون الصراع العربى-الإسرائيلى من وجهة نظر اليهود غير الصهاينة المساندين للقضية الفلسطينية.
«ورغم انخفاض مستوى الصراع الطبقى وتراجع معدل الإضرابات إلى أدناه عام 2010م، فإن قضايا المهاجرين على النقيض تبدو متصدرة المشهد أكثر فأكثر بمرور الوقت.. وهو ما يضع على عاتقنا الاشتباك معها والتركيز عليها، بقدر الإمكان، بجانب قضايا التفرقة العنصرية التى تتبدى بشدة فى عدد المساجين من السود والأقليات العرقية الأخرى، مقارنة بالبيض»، بحسب ما يضيف عضو منظمة الاشتراكية الأمريكية وأستاذ الأدب اللاتينى، جوستين أكر، فى حديثه لـ«التحرير».
وبخلاف قضايا المهاجرين، ينصب الاهتمام الرئيسى للمنظمة على الانغماس فى معارك مناهضة الحرب على العراق، والصراع ضد العنصرية، واضطهاد المرأة، والقضية الفلسطينية، إذ تعد المنظمة إحدى أكثر الجهات اشتباكا مع حملات مقاطعة إسرائيل فى أمريكا، وتضم عددا من اليهود المعادين للصهيونية مثل دافنا، الفتاة العشرينية التى غادرت إسرائيل، التى ولدت فيها، مع أختها هداس، وانضمتا إلى المنظمة الاشتراكية الأممية فى أمريكا، وتحاول باستماتة الآن التخلى عن الجنسية الإسرائيلية بلا جدوى، بسبب تعقيدات قانونية تضعها إسرائيل أمام مثل تلك الحالات.
«ووفقا لوحدة استخبارات مجلة (الأيكونوميست) فالولايات المتحدة مصنفة من حيث مستوى الديمقراطية فيها فى المركز رقم 17.. خلف دولة كالتشيك تخلصت من الستالينية قبل 20 عاما فقط»، بحسب سيلفا.

نائب رئيس الوزراء: وأنا مالى بمظاهرات «وول ستريت»
الببلاوى: لا حد أقصى للأجور فى القطاع الاقتصادى قبل باقى القطاعات.
«وأنا مالى».. كان رد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية حازم الببلاوى، حين سُئل حول ما إن كان يخشى انتقال عدوى احتلال المدن الكبرى والمراكز المالية إلى مصر، احتجاجا على المكافآت والمرتبات العالية لقيادات القطاع المالى.
لم يستبعد الببلاوى شيئا، ولم يؤيده، فى تصريحات لـ«التحرير» حول ما إن كانت الحكومة تراجع موقفها الرافض لتحديد حد أقصى لأجور العاملين فى القطاع المصرفى وشركات التأمين والهيئات الاقتصادية، فقط قال إنه لا يمكنه فتح هذا الملف قبل تطبيق الحد الأقصى للأجر فى بقية القطاعات أولا، «قررنا البدء بالأسهل.. ثم التفكير فى الأصعب»، قاصدا بالأصعب تطبيق الحد الأقصى للأجر على القطاع المالى.
لكن نائب رئيس مجلس الوزراء، قال جازما، إنه لن يعدل الحد الأقصى للأجر الذى أعلن عن تطبيقه فى يناير المقبل، بواقع 1 إلى 36، قياسا إلى الحد الأدنى المطروح من قبل البعض حاليا، بغض النظر عما تطرحه تظاهرات «احتلوا وول ستريت» من غضب يتسع بحسب تفاوت مستويات المعيشة، «ثم إن الحد الأقصى للأجر هذا، أُعلن بعد دراسات مطولة من مجلس الوزراء.. لسنا ملزمين بتعديله كلما انفجرت تظاهرات»، حسبما يضيف.
الببلاوى رفض الإدلاء برأيه حول ما إن كانت تلك الحركة قد تهز الثقة فى اقتصاد السوق من عدمه، كونها تنطلق من مراكز الرأسمالية العالمية، قائلا «إن أى رأى يبديه فى هذا الشأن، ولو حتى بصفته أستاذا للاقتصاد فقط، سيحمّله الرأى العام على الحكومة برمتها».
إلا أنه كان قد شدد مرارا، فى تصريحات نقلتها عنه بيانات رسمية صادرة عن وزارته، على التزام مصر بسياسات السوق الحرة، كان آخرها فى لقائه مع السفير الإيطالى، والجانب المصرى فى مجلس الأعمال المصرى الأمريكى، وهو ما عقب عليه قائلا «الإجابة متكررة لأن السؤال متكرر»، وذلك بعد الأحكام القضائية الصادرة من مجلس الدولة بإلغاء خصخصة عدد من شركات قطاع الأعمال العام، وإعادتها إلى حوزة الدولة، الأهم كان تصريحه الأول عقب توليه منصبه، وكان لوكالة «رويترز» للأنباء، حيث شدد فيه على خيار تمسك مصر بالسوق الحرة، وهو تقريبا نفس التصريح الذى أطلقه سلفه سمير رضوان، فور توليه منصبه هو الآخر، لنفس وكالة الأنباء، وهو يبدو بهذا التصريح وحكومته «المؤقتة» كأنه يصادر على اختيار الشعب فى المستقبل، وهو ما عقب عليه الببلاوى لـ«التحرير» وقتها، قائلا إنه أراد فقط الإعلان عن خيار هذه الحكومة فقط، وأن الدستور الحالى ينص على حرية السوق.

« التحرير» تجــرى أول حـــــــــــوار فى الصحافة المصرية مع قيادة احتلال «وول ستريت»
مارك بارى: المصريــــــــــــــون ألهمونا ومنحونا الشجاعة.. والشرطة لن تخيفنا بعد الآن.. وهم ينتمون إلى نفس طبقتنا.
الثورة المصرية الملهمة، هى التى حركت مياه الثورة الراكدة فى أمريكا، ليس هذا كلاما إنشائيا، بل هو ما يؤكده مارك براى، أحد المسؤولين فى الجهاز الإعلامى لحركة «احتلوا وول ستريت»، بل ويسميه (الإلهام المذهل الذى قدمته حركتكم «الثورة المصرية» لثوار وول ستريت، إذ جددت فينا الأمل فى قوة الحركات الديمقراطية الشعبية).
بارى أضاف فى حواره الذى أجراه مع «التحرير» عبر البريد الإلكترونى أن الثورة المصرية «أعطت العالم نموذجا يحتذى به فى إدارة صراع كامل فى ميدان عام بما يمثله كرمز لحركتكم، وأوضحت لنا أن الطريق الوحيد لتحدى القمع هو حركة الشعب نفسه، كما أن بسالة مقاومتكم خلقت فينا العزيمة القوية والشجاعة»، على حد قوله.
ظهور حركة مناهضة للرأسمالية فى البلد التى ظلت فيها الرأسمالية لعقود طوال مرادفة للوطنية الأمريكية فى مواجهة الأعداء السوفيت، يظل بطبيعة الحال مفارقة تستحق الانتباه، وهى مفارقة يعقب عليها براى بقوله إن «تركيبة المنضمين إلى الحركة تمتد لتشمل الاشتراكيين والأناركيين الذين يرفضون الرأسمالية طبعا تماما، كما تشمل آخرين يريدون فقط إدخال بعض الإصلاحات على بعض جانب الرأسمالية من قبيل زيادة الضرائب على الأغنياء».
براى أضاف «ما يوحدنا هو مناهضتنا لحقيقة استمرار المؤسسات المالية فى العمل بنفس النمط الذى اعتادت عليه قبل انفجار الأزمة العالمية بسبب الدعم المالى الذى تلقته تلك المؤسسات من الحكومة، بينما فقد فقراء الشعب وظائفهم ومنازلهم، بعدما صادرت البنوك المنازل التى اشتراها الفقراء عبر الاستدانة منها ثم عجزوا عن التسديد بطبيعة الحال حين سرحوا من أعمالهم، ووجدوا أنفسهم فى مواجهة جبال من الديون التى كبلوا بها أنفسهم لسد احتياجاتهم من العلاج والتعليم، بدأنا الآن نفهم كيف أن رجال السياسة فى هذا البلد مدينون بالفضل لنظام السوق نفسه هذا الذى نعانى نحن منه، ولذا ومن أجل تغيير تلك الأوضاع جذريا لا بد من تغيير الظروف الاقتصادية تلك».
براى يرى أن التساؤل البديهى فى هذه الحالة حول ما إن كان الأمر سيتطور إلى ثورة من عدمه؟ يعتمد فى الإجابة عنه على خلفية من يجيب عن هذا السؤال من بين نشطاء الحركة، هل هو من أولئك الذين يريدونها فقط حركة اجتماعية تضغط على الحكومة (من أجل إدخال إصلاحات على النظام القائم)، أم هم من أولئك المعادين للرأسمالية الطامحين فى أن الثورة تطيح بهذا النظام؟ على حد تعبيره.
لا يرى مارك براى فى العنف الذى مارسته الشرطة، التى أطلقت غاز الفلفل واعتقلت العشرات من أعضاء الحركة، فى مواجهة الحركة تحديا كبيرا «فهذا العنف حرك فى حقيقة الأمر التعاطف الشعبى معنا ومنحنا زخما أكبر، وكل لحظة تمر بنا نشهد معها نموا جديدا وانضمام أعضاء جدد.. أما عنفهم فلن يخيفنا ولن يمنعنا عن مواصلة كفاحنا»، على حد قوله.
«حركة احتلوا وول ستريت أصبحت تعتمد كذلك على مجموعة قانونية بدأت فى تحريك دعاوى قضائية ضد ضباط الشرطة الذين يتعاملون بوحشية مع التظاهرات»، بحسب براى، مضيفا «لكن أمريكا على أى حال، بالرغم من أنها أقدم جمهورية على وجه الأرض، ظلت دوما تعتمد على الحكم الطبقى. فمنذ البداية ظلت الطبقات الأغنى فى الولايات المتحدة تتحكم فى اتجاهات الحكومة على حساب الطبقة العاملة، ولذلك، فنحن لا نعتقد أن حكومتنا على الأقل وفقا للنمط الذى ينظمها حاليا هى حكومة ديمقراطية على الإطلاق، ما دامت تعمل لمصالح الأرستقراطية الاقتصادية، ولذلك يبدو الأمر منطقيا تماما أن تتدخل الشرطة لقمعنا لصالح البنوك وتضعها كأولوية على حسابنا على الرغم من أن أفراد الشرطة أنفسهم ينتمون إلى نفس طبقتنا نحن.